على حافة الاشياء!
يتندر البعض مستخدماً كلمة «سيريالي» لتوصيف الحال في سورية سواء في أحاديثهم المباشرة أو على وسائل التواصل. ثمة طرافة ورمزية خاصة في هذا التعبير واستخدامه هنا قد لا يكون مرتبطاً بمفاهيم السريالية «كحركة فنية وأدبية»، بقدر ارتباطه بالمفارقات العجيبة والمتناقضة للأحداث المتلاحقة والتي تبدو فعلاً «سريالية» بامتياز.
يشعر كثير من الناس بالفزع من تفاصيل الأحداث التي يعيشونها بشكل يومي. «معلقون نحن على حافة الأشياء» هكذا وصف أحدهم الشعور بالفوضى وعدم الاستقرار التي تسود مختلف مناحي الحياة.
«سورية بخير»
يشعر السوريون بإهانة لكرامتهم الوطنية كلما استباح الاحتلال الصهيوني وطائراته السماء السورية. ولذلك كان شعور الغصة عظيماً عندما دنس الاحتلال التراب السوري وقام بإنزال جوي في منطقة الكسوة جنوب دمشق وعلى بعد مسافة قصيرة من «الأجواء الاحتفالية التي تملأ أروقة معرض دمشق الدولي... في حدث يجمع الثقافة والاقتصاد ويؤكد دور المعرض كمنصة وطنية ودولية مميزة».
ليست المشكلة في المعرض، الذي تأسس في عام 1954، والذي يتمتع بأهمية كبيرة في ذاكرة السوريين وحاضرهم، وشهدت حفلاته حضوراً فنياً متنوعاً، وغنت فيه فيروز أغانيها الشهيرة كما أطلقت عدداً من أعمالها الجديدة آنذاك أشهرها: عالصالحية، يا عود، يا نسيم الدجى، طل وسألني... إلخ. كما شاركت فيه أسماء لامعة في الغناء والموسيقى والفن بينها: محمد عبد الوهاب، وعبد الحليم حافظ، وديميس روسوس، وغيرهم الكثير. تكمن المشكلة في غياب المشروع الاقتصادي الاجتماعي الثقافي الوطني الشامل الذي يبعد أي فعالية مهما كانت من كونها مجرد استعراض إعلامي، ويجعل من الفعاليات المختلفة جزءاً من سياق واضح المعالم لبناء دولة مواطنة تعيد للسوريين كرامتهم في مختلف المجالات. مشروع يبنى على مشاركة الناس الفعلية في الحياة السياسية والثقافية ويعيد للفرد السوري ثقته بالمستقبل ويعزز إرادته للمشاركة في بناء دولة جديدة لطالما حلم بها.
حافة الأمل
غالباً ما تقدم الأزمات فرصة للبناء والخروج من الوضع القائم وكل المشاعر المتناقضة والسوداوية المرتبطة به. ثمة فرصة للخلاص من مشاعر اليأس والإحباط التي جرى وصفها بقتامة: «الشعور بلا سقوطٍ ولا تحليق... في منزلةٍ بين المنزلتين خارجَ الموتِ والحياة... داخل الاحتضار البطيء...!».
لن يتخلص الناس من مشاكلهم المعلقة والتي تجعلهم يقفون على حافة «الأشياء والحياة، والموت ...إلخ» إلا من خلال مساهمتهم الجماعية في المشروع الوطني الشامل والمبني على أهداف واضحة فيها مصلحة سورية وكل السوريين بالدرجة الأولى، إلا عبر احتشاد القوى الوطنية المختلفة والضغط باتجاه مؤتمر وطني يجمع الناس ليتناقشوا ويقترحوا مشاريعهم، ثم ليتوافقوا على ما فيه مصلحتهم ومصلحة بلادهم.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1241