تفصيل صغير عنوانه «قذارة المدن»
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

تفصيل صغير عنوانه «قذارة المدن»

يناقش المشككون بالتراجع الأمريكي بوقاحة وبصوت عال، دون أن ينتبهوا للـ«الشيطان الذي يختفي في التفاصيل».

عند المقارنة بين الدول والحكومات لمعرفة درجة تقدمها أو تراجعها، يسير الحديث بشكل بديهي باتجاه قدرة تلك الدول على توفير متطلبات العيش الأفضل لمواطنيها من جهة، وقدرتها على معالجة المشاكل المتنوعة التي تواجهها خاصة في الظروف الاستثنائية كحالات الكوارث الطبيعية والحروب... إلخ. وكلما أبدت تلك الدول مرونة أكثر في تقديم الحلول كلما ارتفع مؤشر تقدمها على البقية، والعكس صحيح.

في دراسة نشرتها منصة «house fresh» المتخصصة في جودة الهواء داخل المنازل، أخيراً، قام الباحثون بتحليل 12.3 مليون بلاغ متعلق بالنظافة ورد إلى رقم الطوارئ 311 في عدد من المدن الأمريكية، بهدف تحديد أكثر المدن التي تحتاج إلى تحسين أوضاعها الصحية. وأكد الباحثون في الدراسة أنهم قاموا: «بترتيب المدن وفقاً لعدد البلاغات المتعلقة بالنظافة لكل 100 ألف نسمة».

سمعة سيئة للشهرة

جاءت النتائج مفاجئة إذ حلت مدينة بالتيمور في المركز الأول «كأكثر المدن اتساخاً» في الولايات المتحدة، بمعدل شكاوى مرتفع للغاية بلغ 47,295 بلاغاً لكل 100 ألف نسمة، مما يدل، بحسب المحققين، على «فجوة واضحة بين احتياجات السكان وواقع نظافة المدينة». وأضافوا أن «ستة من أكثر الرموز البريدية اتّساخاً تقع جميعها داخل أو بالقرب من وسط المدينة». وجاءت، في المرتبة الثانية بعد بالتيمور، ساكرامنتو في كاليفورنيا، وهي عاصمة الولاية وتحتضن أكبر نهر فيها، والذي يُعد من بين أكثر الأنهار تلوثاً في البلاد، بحسب تقرير صدر أخيراً عن مشروع النزاهة البيئية.

أما مدينة لوس أنجلوس فقد سجلت 21,616 بلاغاً، رغم ما تحظى به من مظهر براق. واحتلت نيويورك المرتبة 17 ضمن قائمة أكثر 23 مدينة أمريكية اتساخاً. لكن مع ذلك يعد هذا التصنيف تحسناً مقارنة بترتيبها كثاني أكثر مدن العالم اتساخاً حسب استطلاع جرى عام 2022، فهي تشتهر، وفقاً للاستطلاع، بانتشار الحشرات والشوارع المليئة بالقمامة والروائح الغريبة، ولا تزال أحياؤها بحاجة إلى الكثير من العناية.

يمكن للمهتمين الاطلاع على ما تبقى من قائمة «المدن الأمريكية الأكثر قذارة» الطويلة التي نشرتها «نيويورك بوست»، ونشرت أسماءها حسب التسلسل مع أرقام البلاغات المتعلقة بالنظافة وجاءت نتائجها صادمة من حيث ارتفاع نسبة القذارة في دولة «عظمى» كأمريكا!

الفكاهة والبلاغة

يرفع البعض عقيرته وبوقاحة في الحديث السياسي عن التقدم والتراجع مادام يتحدث عن «أمريكا حاكمة العالم»، والعقيرة هي الساق المقطوعة، والأصل فيها: أن رجلاً قطعت إحدى رجليه، فرفعها ورفع صوتهُ معها بالبكاء والنواح عليها. فصار مثلاً. يُظهر التشبيه، إلى جانب البلاغة، فكاهة تقارب الهزل ومع ذلك يصر هذا البعض على التعامل مع الحقائق والأرقام المنشورة في الصحف الأمريكية كتفصيل صغير حتى وإن كان عنوانه «قذارة المدن».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1224
آخر تعديل على الأحد, 27 نيسان/أبريل 2025 23:54