صيف حار... حار جداً
بينما يلملم الناس في غزة ولبنان والجولان السوري أشلاء أبنائهم وشهدائهم الذين قضوا على يد مجرمي الحرب الصهاينة، يرمي الفضاء الإعلامي بقرفه أمام أعيُننا.
ليس ثمة ما هو أقبح من ذلك، كم هائل من التفاهة يتصدر المشهد ويستهلك جهوداً وأموالاً ويقدم إنتاجاً ينافس النفايات، فـ«الشامي» يتمايل على مسرح مهرجان «أعياد بيروت» في حفلة أقيمت على «واجهة بيروت البحرية» يوم الاعتداء على الضاحية الجنوبية. والمغنية المصرية أنغام تطرح البومها الجديد وتثير جدلاً واسعاً بسبب الإعلان عن اسم شركة الإنتاج الخاصة بها لأن «صوت مصر» هو لقب متنازع عليه بينها وبين مواطنتها شيرين عبد الوهاب، وهذه الأخيرة تشعل وسائل الإعلام بأزماتها الشخصية والنفسية وتشغل أخبار مشاكلها وطليقها حيزاً واسعاً تنافس به أخبار الكف الذي وجهه عمرو دياب إلى أحد معجبيه! وإعلامي واثق من نفسه، يفجر برنامجه ببعض الآراء المتباينة في معركة وهمية ليقدّم مع وسيلته الإعلامية عرضاً جماهيرياً صاخِباً.
مادة للاستعراض
عالم تتلألأ فيه مظاهر الزيف والانحلال الأخلاقي، يتبارز أبطاله في مسرحيات استعراضية هدفها إظهار من يمكنه إثارة الجدل أكثر ليصير حديث الساعة ويتصدر التريند. دمى تستسيغ أي شيء وتهضمه من أجل المال.
عندما يتعامل الإعلام مع قضايا الناس، مهما بلغت جديتها، كمادة للاستعراض، ويخرج بهذه النماذج ويشارك بانتشارهم واحتلالهم للتريند ثمّ يستغرب لماذا لا يحترمه الناس؟ يصبح خنجراً في صدر الوعي الجمعي للمجتمع.
لم ننسَ
تجاهل بعض الفنّانين العرب، الإبادة الجماعية الجارية في غزة، وذهب بعضهم لدعم الكيان مبررين مواقفهم بحجج سخيفة كالخطأ والتوريط؟ والسؤال: أليس واجباً عليهم أن يتحرّوا عن كلِّ التفاصيلِ التي تحصِّنُهم من التورّط والوقوع في الخطأ، كالتحرّي عن الجهة الداعيةِ إلى حدثٍ ما، والفنانين المشاركين، والجهات الراعيةِ والمموّلةِ؟
يكفي التذكير ببعض الحوادث لتوضيح الأمر: «فقد أحيت المغنية اللبنانية هبة طوجي في 31 أيار، حفلاً على مسرح «الأولمبيا» الفرنسيّ، شاركت خلالَه المغنيّةَ البلجيكيّة- الكندية لارا فابيان الغناء. فابيان المعروفة بدعمِها للكيان الصهيوني غنّت باللغة العبريّة في احتفال التأسيس الستّين للكيان في عام 2008.
وقبل أسابيع ضجّت مواقع التواصل الاجتماعيّ بإعلان شركة «بيبسي» تحت شعار «خليك عطشان»، شارك فيه كلّ من نوال الزغبي، عمرو دياب وأحمد السقا ولاعب كرة القدم المصريّ محمد صلاح وآخرون، متجاهلين دعوات مقاطعة الشركة المتورّطة مع الكيان الصهيوني.
أما الفنّان المصريّ محمد رمضان فلم ينجح في حذف حادثة الصورة الشهيرة له مع المغني «الإسرائيليّ» عومير آدام في دبي، من ذاكرة الجمهور.
الاستخفاف بعقول الناس وجراحهم هو مؤشر إلى الانحدار الأخلاقي الذي وصل إليه هؤلاء ومن يقدمهم على شاشته.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1186