صبية المصانع كما وصفهم إنجلز

صبية المصانع كما وصفهم إنجلز

في كتابه «حالة الطبقة العاملة في إنكلترا» وهو أحد أكثر أعمال فريدريك إنجلز شهرة. والذي كُتب أصلاً باللغة الألمانية، وكان أول مؤلف كتبه إنجلز خلال إقامته في مانشستر ما بين عامي 1842 و1844، قدم إنجلز وصفاً تفصيلياً لما كانت عليه الحال، معززاً بتقرير ليبرالي: إن قائمة عامرة بالأمراض، ترجع بالكامل إلى جشع أصحاب المصانع البغيض إلى المال.

النساء يُجعلن غير صالحات للإنجاب، الصبية يُشَوهون، الرجال يضعفون، الأطراف تسحق، أجيال بكاملها تحطم، تبتلى بالمرض والضعف، كل ذلك لتمتلئ أكياس البرجوازيين، إن المرء عندما يقرأ عن همجية بعض الحالات، كيف يمسك المشرفون بالصبية عرايا في السرر ويدفعون بهم إلى المصنع لطماً وركلاً وثيابهم فوق أذرعهم. كيف يرفع عنهم النوم باللطمات وكيف يسقطون مع ذلك نياماً فوق أعمالهم. كيف أن صبياً يائساً قفز عند نداء المشرف، وهو ما زال نائماً بطريقة آلية عبر عمليات عمله رغم أن الماكينة كانت متوقفة، عندما يقرأ المرء كيف أن الصبية متعبون إلى حد يعجزهم عن الذهاب إلى منازلهم، فيختبئون بعيداً عن حجرة التجفيف في الفحم ليناموا هناك، ولا يمكن طردهم من المصنع إلا بالسياط؛ كم مئات منهم تعود إلى منازلها متعبة، إلى حد أنهم لا يستطيعون تناول العشاء لحاجتهم إلى النوم ولافتقادهم الشهية، وأن الوالدين يجدون صبيتهم راكعين إلى جوار السرير حيث ناموا أثناء صلاتهم، عندما يقرأ المرء عن كل هذا وعن مئات أخرى من الرذائل والشناعات في هذا التقرير الواحد، وكلها شهادات أديت بعد حلف اليمين مؤيدة بعدد من الشهود، وقد أقر بها رجال يعتبرهم المندوبون أنفسهم أهلاً للثقة، عندما يفكر المرء بأن هذا التقرير تقرير ليبرالي، وضع بغرض تحقيق رد فعل معاكس لتقرير المحافظين السابق، ورد اعتبار نقاوة قلب أصحاب المصانع، وأن المندوبين أنفسهم يقفون في صف البرجوازيين، وأنهم يقررون كل تلك الأمور ضد إرادتهم هم، كيف يمكن للمرء بعد ذلك إلا أن يمتلئ بالغضب والحنق ضد طبقة تفاخر بالبذل في سبيل الإنسانية والتضحية الذاتية، بينما غايتها الوحيدة هي ملء أكياسها بأي ثمن؟
دعونا نستمع، في تلك الأثناء، إلى البرجوازيين يتحدثون على لسان حواريهم المختار الدكتور «أور»، الذي يروي في كتابه «فلسفة المصانع»، بأنه قد قيل للعمال إن أجورهم لا تقارن إن قيست بتضحياتهم، ولذلك اضطرب حسن التفاهم بين السادة والرجال. يجب على العمال، بدلاً من ذلك، أن يكدحوا حتى يزكوا أنفسهم بانتباههم ومثابرتهم. يجب على العمال، أن يفرحوا لإقبال الدنيا على سادتهم، إنهم حينئذ سيصبحون ملاحظين ومراقبين وفي النهاية شركاء، وطبقاً لذلك فإنهم – (ويا للحكمة يا من تتكلم كالحمامة)- «يكونون قد زادوا الطلب على زملائهم في السوق!».
يبدو أن أحوال الطبقة العاملة اليوم تعود إلى التراجع في المركز الإمبريالي رغم أنها لم تبتعد كثيراً عما وصفه إنجلز آنذاك في دول الأطراف.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1113