وجها الثورة الثقافيـة القادمة
من المهمات الرئيسية التي تواجه الثورة الاشتراكية في القرن الواحد والعشرين تسهيل وصول الجماهير إلى قمم الثقافة الإنسانية، أي تمكين جميع الناس من الوصول إلى الثقافة. كان لينين يقول: «الفن للشعـب».
ولكنه يضيف على الفور: «لكي يستطيع الفن أن يقترب من الشعب ويستطيع الشعب أن يقترب من الفن، يجب علينا قبل أي شيء رفع مستوى الثقافة والتعليم العام».
وبالنظر إلى أن الطابع الصناعي الذي تتخذه اليوم وجـوه عديدة من الإبداع الفني والنشر الجماهيري للأعمال الفنية، فإن التقدير الصحيح لهذه القضايا هو الشرط الذي لا بد منه لاتخاذ قرارات صحيحة في حقل السياسة الثقافيــة.
إن هدف الثورة الاشتراكية هو، في الحقل الثقافي أيضاً، إزالة عواقب التقسيم الرأسمالي للعمل. وحل هذه القضية يفترض عمليـة طويلة تنطوي على تغيرات اقتصادية واجتماعية وثقافية عديدة.
وقضايا الثورة الثقافية التي ستبذل الجهود من أجل حلها في البلدان التي ستشهد الثورة الاشتراكية القادمة تتضمن تحديث وتخفيف أعباء الحياة الجارية، وأسلوب الحياة، وبيئة العمل. من هنا كانت ضرورة التفكير نظرياً في محتوى مفهوم الثورة الثقافية ذاته، وتحديد مختلف وجوه هذه العملية. إذ يمكن التمييز بين عمليتين رئيسيتين تتناولان ميادين مختلفة من الحياة رغم كونهمـا مترابطتين وغير قابلتين للانفصال.
أولى هاتين العمليتين ما نسميه بصيرورة الثقافة الديمقراطية، ورفع المستوى التعليمي العام والتنشئة التكنيكية والمهنية، وتغلغل الثقافة والفن في أوسع فئات السكان.
ومن جهة أخرى، فإن انتشار الثقافة بحد ذاتها ليس كافياً لحل جميع التناقضات القائمة، وردم الهوه التي انحفرت منذ أجیال بين الجماهير والثقافة. فهو يسمح قبل كل شيء بسد الحاجات على مستواها الحاضر الذي يخضع بقدر كبير لمتطلبات هذه الحياة التي سماها ماركس «إعادة الإنتاج»، وهي موزعه بين عمل بسيط، لا تتطلب كفاءات ثقافية خاصة، وبين إعادة إنتاج قوة العمل، حيث الثقافة لا تلعب حتى الآن سوى دور من المرتبة الثانية (كوسائل للتسلية على سبيل المثال).
والعملية الثانية أكثر تعقيداً بكثير، وهي وحدها تأتي بحل مبدئي للتناقض بين المشاهد والفن، لأنها تتناول وضعية ودور الثقافة في حياة الناس، ومستوى الحاجات الفنية. فالمقصود بصورة أساسية هو إزالة التناقض بين العمل وبين طاقات الناس الثقافية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1105