المئوية الوطنية السورية
تايه الجمعة تايه الجمعة

المئوية الوطنية السورية

احتفل الصينيون بالذكرى المئوية لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، وعندما تأسس هذا الحزب صيف 1921 في الصين، كانت الثورات الوطنية ضد الاستعمار تشمل مختلف أنحاء سورية. وفي العام 1925، خاض الحزب الشيوعي الصيني حملة تضامن مكثفة في بلاده مع الثورة السورية الكبرى التي قادها سلطان باشا الأطرش.

وقبيل الثورة الكبرى، كانت سورية ساحة للعديد من الثورات التي قادها الوطنيون للخلاص من الاستعمار، الثورات التي تفجرت موجتها منذ نهاية 1918 وبداية 1919، واستمرت كموجة كبيرة حتى نهاية 1921. وبعضها كموجة صغيرة حتى سنوات 1922-1923. والتي جاءت ممهدة للثورة الكبرى في تموز 1925.

خارطة الثورات السورية

ففي جبال الساحل السوري ومدنه وقراه، قاد الشيخ صالح العلي ثورة كبيرة بدأت عام 1918، وإلى جانب حدود ثورته، اشتعلت ثورات أصغر عام 1919: ثورة تلكلخ، ثورة الشيخ عمر البيطار في جبال الحفة، ثورة الشيخ عز الدين القسام بين جبلة والحفة.
وفي منطقة حلب التي كانت تشمل أيضاً إدلب ولواء اسكندرون، قاد إبراهيم هنانو ثورة كبيرة عام 1919، وإلى جانب حدود ثورته، اشتعلت ثورات أصغر: ثورة محو إيبو شاشو في جبال عفرين، ثورة محمد الكردي في حارم، ثورة اسكندرون، ثورات عين العرب وجرابلس وأرياف حلب الشرقية.
في منطقة الجزيرة والفرات، حدثت ثورتان ضد الاستعمار الإنكليزي، ثورة دير الزور بقيادة رمضان شلاش عام 1919، وثورة الحسكة لنجدة أهالي تلعفر عام 1920. إضافة إلى معارك بياندور وغيرها سنوات 1922-1923.
أما في المناطق الوسطى للبلاد، فكان أهالي حماة يدعمون ثورات إبراهيم هنانو والشيخ صالح العلي بالمال والرجال، وحدثت ثورة شمالي حماة باتجاه الحمدانية حتى خان شيخون في آذار 1921. وحدثت عدة ثورات في البادية التدمرية سنوات 1922-1923 وغير ذلك.
افتتحت منطقة الشوف في لبنان حوادث الثورة ضد الاستعمار عام 1919، وحدثت ثورة في الحولة والجولان ومرجعيون عام 1919، وثورة جبل عامل ضد فصل الجبل عن سورية عام 1920، وثورة حوران عام 1920، وثورة الجولان عام 1921، وكانت بعض الثورات تنسق مع الوطنيين في شرق الأردن وفلسطين للثورة على الاستعمار الإنكليزي مثل ثورة البلقاء التي كانت تقاتل الفرنسيين إلى جانب ثوار الجولان وحوران وتقاتل الاستعمار الإنكليزي في فلسطين وشرق الأردن. كما قاد سلطان باشا الأطرش ثورة في السويداء عام 1922. ولا يمكن أن ننسى دور وزير الحربية السوري يوسف العظمة كقاعدة خلفية للعديد من الثورات السورية ضد الاستعمار.

الكفاح ضد سايكس بيكو

يلاحظ من خريطة انتشار الثورات السورية أن الوطنيين كانوا يقاتلون مشروع سايكس بيكو الاستعماري التفتيتي مباشرة.
فأهالي دير الزور التي ضمت إلى العراق إنكليزياً ثاروا ضد الإنكليز وطردوهم وأصبحت دير الزور سورية، وعندما سمع أهالي الحسكة باحتلال تلعفر «بين جبل سنجار والموصل» على يد الإنكليز عام 1920، انطلقت حملة كبيرة من الحسكة وطردت الإنكليز من تلعفر. كما كان ثوار شرق الأردن وفلسطين يقاتلون الاستعمار الفرنسي في سورية، وكان ثوار سورية يقاتلون الاستعمار الإنكليزي في شرق الأردن وبعض نواحي فلسطين. وهناك صور كفاحية مشابهة في الشمال السوري باتجاه ماردين وكيليكيا وسروج. أي إن كفاحاً عاماً ضد فرض الحدود والتقسيم القسري كان يشتعل في كل مكان.
كانت بعض الثورات تشمل أجزاء من سورية ولبنان في وقت واحد. وكان المعتقلون السياسيون في بيروت يكتبون على جدران السجون الاستعمارية: عاشت الوحدة السورية. كما أن الثورات الوطنية السورية كانت تلهم الشعوب العربية للكفاح ضد الاستعمار في العراق ومصر. وكان لثورة رمضان شلاش في دير الزور ضد الإنكليز دور كبير في اندلاع ثورة العشرين العراقية التي شملت مختلف أنحاء العراق «الثورة العراقية الكبرى عام 1920». كما قدم الشعب المصري مختلف أشكال الدعم للكفاح الوطني في سورية. ويمكننا القول إن سورية لعبت دوراً محورياً في كفاح الشعوب العربية، وهو ما يطلق عليه سياسياً اسم: دور سورية التاريخي في العالم العربي كما قال خالد بكداش.
وفي مراحل لاحقة من النضال الوطني، منع السوريون تقسيم سورية إلى خمس دويلات، ودفعوا ثمناً باهظاً لتكون سورية بشكلها الحالي حتى تحقيق الجلاء.
من جهة أخرى، كان لقادة الثورات الشرقية مراسلات مع المناضلين ضد الاستعمار حول العالم، لتنسيق مواقف نضال شعوب الشرق ضد المستعمرين مثل مراسلات لينين مع إبراهيم هنانو ومراسلات غاندي مع الشيخ صالح العلي ومراسلات الشيخ محمود الحفيد مع الحكومة السوفييتية ومراسلات الدكتور الشهيد عادل بك نكد مع مارسيل كاشان وغير ذلك. وكانت «وحدة الحال والمصير» تلقي بتأثيرها على النضال المصيري لشعوب الشرق، مثل حركات التضامن الهندية والصينية والسوفييتية مع الثورات السورية.
وعندما كان الحزب الشيوعي الصيني يتأسس صيف عام 1921، كانت موجة الثورات المعادية للاستعمار تشمل مختلف البلدان العربية في سورية ولبنان وفلسطين والعراق وشرق الأردن ومصر والمغرب وليبيا ضد الاحتلال الاستعماري الفرنسي الإنكليزي الإسباني الإيطالي. في نفس الوقت الذي كان فيه الإندونيسيون يكافحون ضد الاستعمار الهولندي، والهنود ضد الاستعمار الإنكليزي، والأفارقة ضد مختلف الاحتلالات الاستعمارية الأوروبية. كما أن الصين نفسها شهدت انتفاضة معادية للإمبريالية عام 1919، وهي التي مهدت لظهور الحزب الشيوعي بعد عامين من النقاشات.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1027
آخر تعديل على الإثنين, 19 تموز/يوليو 2021 11:36