مواقف صينية خالدة في التاريخ السوري
تايه الجمعة تايه الجمعة

مواقف صينية خالدة في التاريخ السوري

يقول الفيلسوف الصيني كونفوشيوس: «لكي نعرف الجديد، لا بد من دراسة القديم». والقديم هنا، بعض المحطات التاريخية التي جمعت الصين مع سورية في جبهة واحدة لنضال شعوب الشرق في القرن العشرين، هي بعض مواقف الثورة الصينية تجاه سورية. ومن أبرز تلك المحطات:

الثورة السورية الكبرى

اشتعلت الثورة السورية الكبرى التي قادها سلطان باشا الأطرش أثناء انحسار موجة الثورات العمالية في أوروبا، وثورات التحرر الوطني في المستعمرات. وكانت الصحافة الرأسمالية والاستعمارية تقول: إن الثورات قد انتهت. وعرفت تلك السنوات باسم: الاستقرار الجزئي للرأسمالية.
وتزامن اندلاع الثورة عام 1925 مع اندلاع الثورة الصينية وثورة الريف المغربي. وعرفت الأممية الشيوعية بعد هذه الثورات اقتراب موعد الأزمة الرأسمالية، والتي انفجرت فعلاً عام 1929.
وكانت الثورات الثلاث تخوض معركتها الوطنية على جبهة واحدة ضد الاستعمار والإمبريالية. فثورة الريف التي قادها عبد الكريم الخطابي قاتلت في سبيل جلاء الاستعمارين الفرنسي والإسباني من المغرب. والثورة السورية اشتعلت لطرد المستعمرين الفرنسيين من سورية.
أما الثورة الصينية سنوات 1925-1927، فكانت ثورة وطنية ضد الاستعمار والإمبريالية، ضد التدخل الاستعماري الأجنبي في الصين. وكانت الثورة بقيادة حزب الكومينتانغ، وبمشاركة واسعة للحزب الشيوعي الصيني.
تضامنت الأممية الشيوعية مع الثورات الثلاث في حملة إعلامية وجماهيرية في مختلف بلدان العالم، وخلال هذا التضامن الواسع، كانت الثورة الصينية تتضامن مع الثورة السورية الكبرى.
وفي تلك الفترة ضمن إطار التضامن مع الثورة السورية الكبرى، أرسل الجنرال هو هان مين أحد زعماء الكومينتانغ وعضو مجلس رئاسة الأممية الفلاحية، برقية احتجاج باسم الثورة الصينية إلى الرئيس الفرنسي. وقارن هو هان مين في البرقية بين سورية والصين قائلاً: لا تشكل الأعمال البشعة التي يقوم بها الجنرالات الفرنسيون في سورية سوى استمرارٍ لما يحدث في الصين ألا وهو إغراق شعوب الشرق المستفيقة والواعية ذاتياً بالدماء. مجلة المراسلات الأممية بتاريخ 26/11/1925.

شو أن لاي والعلم السوري

انتصرت الثورة الصينية وتأسست جمهورية الصين الشعبية عام 1949، وفي العام 1956، تبادلت سورية والصين الاعتراف، ونشأت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في فترة كانت سورية تخوض فيها كفاحاً وطنياً ضد الأحلاف الاستعمارية للإمبريالية.
ونشرت الصحف ووكالات الأنباء حول العالم سنة 1957، صورة للقائد الصيني شو إن لاي حاملاً العلم السوري وهو يبتسم برفقة السفير السوري. ويذكر أن شو أن لاي كان رئيساً لوزراء الصين الشعبية في ذلك الوقت، وهو أحد قادة الحزب الشيوعي البارزين، وواحد من قادة انتفاضة نناتشانغ صيف 1927 التي هي إحدى بدايات تأسيس الجيش الأحمر الصيني.
وفي العام نفسه 1957، عندما تعرضت سورية إلى خطر وتهديد بالغزو الأطلسي الإمبريالي، وازدادت الحشود التركية والأمريكية والصهيونية حول البلاد، وهبّ السوريون للدفاع والمقاومة. في تلك الأوقات العصيبة التي مرت على البلاد، أعلن شو أن لاي وقوف الصين إلى جانب سورية، وحذر أمريكا من مغبة سياستها العدوانية تجاه سورية.
وكتبت بعض الصحف في ذلك الزمان أن حلف الأطلسي لم يستطع غزو سورية عام 1957 خوفاً من تحولها إلى كوريا ثانية في إشارة إلى الدعم السوفييتي والصيني.

ماوتسي تونغ والشيخ الأشمر

اختارت جمعية أنصار السلم الشيخ المجاهد محمد الأشمر باعتباره شخصية شعبية وجماهيرية بارزة، ومناضلاً صلباً ضد الاستعمار، ممثلاً لها في العلاقات الخارجية.
في سنوات الخمسينات، حضر الشيخ محمد الأشمر مؤتمراً لأنصار السلم في الصين الذي تمثل فيه 79 بلداً.
حضر جلسة الافتتاح الأولى، الزعيم الصيني ماوتسي تونغ، الذي اختار الجلوس إلى جانب الشيخ محمد الأشمر. وعندما سئل عن سبب هذا الاختيار، أجاب ماوتسي تونغ تفرست في وجوه المجتمعين، فلم أجد وجهاً مناضلاً ثورياً كوجه هذا الإنسان، فجلست قربه.
أطلقت صحيفة «ألف باء» الدمشقية على الشيخ محمد الأشمر اسم الشيخ الأحمر، كعادتهم إلصاق لقب «الأحمر» على كل وطني شريف. والشيخ الأشمر هو أحد قادة الثورة السورية الكبرى، وقاتل في فلسطين، وأحد أشهر أقواله: «لا أحارب من أجل المال، بل من أجل الاستقلال».

مواقف صينية

قدمت جمهورية الصين الشعبية مختلف أشكال الدعم للقضية الفلسطينية، وكان الفدائيون الفلسطينيون يتدربون في الكليات العسكرية الصينية. كما قدمت الصين السلاح للحركة الفدائية الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني في ستينات القرن الماضي. كما أيدت الصين حق سورية في استعادة الجولان المحتل.
تلك بعض المحطات التي وقفت فيها الصين إلى جانب سورية والشعب السوري خلال الثورة السورية الكبرى، وخلال النضال ضد الأحلاف الاستعمارية، وخلال النضال في سبيل السلم ومنع اندلاع حرب عالمية جديدة، وفي دعم الشعب الفلسطيني واستعادة الجولان المحتل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1025