دار النشر الذكية
تستعد البشرية لتوديع الشكل المعروف لدور نشر الكتب، وسيسود محلها شكل جديد من دور النشر تُدعى: «دار النشر الذكية». وتتفاعل مجموعة من العوامل في قضية موت الشكل القديم لدور النشر وولادة الشكل الجديد.
ولعل من أبرز هذه العوامل:
مستوى التطور التكنولوجي الذي وصلت إليه البشرية، وبداية الدخول إلى عالم الاقتصاد والعمل لهذه التكنولوجيا، مثل: المنظومات الذكية ومنصات الاقتصاد الرقمي وغير ذلك. وما يرافق ذلك من تقسيم جديد للعمل قد يحدث.
تصاعد الأزمة الرأسمالية وظروف الوباء الأخير وتأثير ذلك على عالم نشر الكتب، وانخفاض قدرة دور النشر الصغيرة على العمل بسبب تأثيرات الأزمة وانخفاض المبيعات. «سجلت بريطانيا كواحدة من أكثر البلدان انخفاضاً في مبيعات الكتب». وهروب دور النشر الكبيرة والعملاقة إلى الاقتصاد الإلكتروني تعويضاً لفقدان الأسواق.
ففي الصين على سبيل المثال، بدأت تختفي بعض أشكال العمل القديمة، أو بدأت تتقلص على الأقل. ولم تعد الكثير من دور النشر الصينية تطبع الكتب بكميات كبيرة. فعند نشر كتاب ما، كانت دور النشر تطبع كمية من الكتب وتضعها في المستودعات بانتظار بيعها وتسويقها. واستعيض عن هذا الأسلوب بتأسيس وتنشيط منصات الكتب الرقمية، وتطبع دار النشر نسخ الكتاب التي تطلب عبر الإنترنت دون حاجتها إلى مستودعات كالسابق. كما تطبع دور النشر الكميات المطلوب إرسالها إلى معارض الكتاب أو مكتبات البيع، وسجلت الصين تحسناً في مبيعات الكتب رغم ظروف الوباء.
ولم تعد دور النشر بحاجة إلى وجود مبانٍ ومساحات، إذ يستطيع 4 أشخاص متباعدين «ربما من 4 مدن» تأسيس وترخيص دار النشر وإدارة المبيعات عن بعد، وتنظيم مراحل عملية نشر الكتاب من التدقيق اللغوي إلى الحصول على موافقة النشر، إلى تصميم الغلاف وإخراج الكتاب، وطبعه ونشره وتسويقه.
بدأ زحف عمالقة نشر الكتب في العالم إلى هذا المجال سعياً للهيمنة، وبدأ الصغار يستخدمونه هرباً من ظروف الأزمة الرأسمالية وظروف الوباء.
وقد يعني هذا الشكل الجديد من دور النشر، تحديد عملية تسليع الكتب بشكل عام في المستقبل، خاصة وأن عدداً ضخماً من الكتب التي أنتجتها البشرية خلال تاريخها، موجودة اليوم على شبكة الإنترنت مجاناً.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1020