محطات من ثورة الشيخ صالح العلي

الاجتماع مع وزير الحربية

وجّه يوسف العظمة، وزير الحربية السورية، دعوة للشيخ، فاجتمع به، وبحثا في شؤون الثورة، وأقسما يمين الولاء والوفاء. وكانت هناك رسائل كثيرة متبادلة بين البطلين. حفظت في بيت سعد الله الجابري، إلّا أن حريقاً أتى على البيت وما فيه، فاحترقت هذه الوثائق الهامة.
وكان الرئيس جميل ماميش أحد مستشاري وقادة أركان الثورة، أرسله وزير الحربية من دمشق، كما اجتمع العظمة قُبيل استشهاده بفترة قصيرة مع الشيخ صالح في «علّية بيت مسوكر» قرية السويدة، جانب مدينة مصياف، في سهل الغاب.
رافق وزير الحربية أبرز القيادات العسكرية التي شكّلت الجيش السوري الوليد، وتم الاتفاق على عدة نقاط، من ضمنها: قيام وزارة الحربية بتزويد الثورة بالسلاح والعتاد وندب ضباط نظاميين لمساعدة الشيخ بقيادة الثورة، وكذلك تشكيل فوج ضم متطوعين مدنيين التحقوا بالثورة من مدن الساحل والداخل السوري بقيادة عزيز بك هارون من اللاذقية، وهو من ضمن هيئة أركان الثورة.

التنسيق مع الثورات السورية

تلقى الشيخ صالح العلي الدعم من إبراهيم هنانو. كما تلقى دعماً أكبر من ثوار حماة، «خط المعونات يمر من حماة ومصياف ووادي العيون والشيخ بدر. وكان الشيخ على اتصال مع الوطنيين في منطقة الفرات.
كما قدم الشيخ صالح العلي الدعم لثورة الشيخ عز الدين القسام في خط جبلة– الحفة. وقدم الدعم أيضاً لثورة الشيخ عمر البيطار في الحفة وجبالها الشمالية «ثورة جبل صهيون».

تأثيرات ثورة أكتوبر

يذكر المحللون، أن ثورة الشيخ صالح العلي لم تكن بعيدة عن أصداء ثورة أكتوبر المنتصرة حديثاً عام 1917. ونقل عن الشيخ قوله عن لينين: «إن هذا اللينين سوف يخلص البشرية، وإن أعداءه سيحاربونه باسم الدِّين».
وكتبت جريدة الدفاع السورية في أحد أعدادها عام 1921 ما يلي: «كما نريد أن يقتنع معنا الجميع، أن البلشفية ليست سوى حالة اجتماعية محضة وداعيها - أي أسبابها - ما في النظام من الخلل، وما بين الطبقات من التفاوت والفاقة. فإذا ما اقتنع الجميع، والتي هي في نظرنا من الأولويات التي لا تحتاج إلى برهان، فعليهم أن يعرفوا أن البلشفية موجودة حقاً في سورية، وأن كل ما سنسرده من الحوادث التي تدل على وجودها يقع مثلها في كل بلاد توجد فيها مثل الأسباب التي أدت إلى هذه الحوادث.
لا يجهل أحد من قراء الصحف السورية ما يأتيه صالح العلي من الأعمال في جبال العلويين، وأهم مظاهر أعماله الأخيرة في تلك الجبال، أنه عمل على نشر البلشفية من حيث لا يدري. وبعد أن يطلع القارئ على أعماله هذه ونتائجها، يستطيع أن يسميه زعيم البلشفية، والفرق بينه وبين لينين أنه لا يعرف ما يعمل، بينما لينين يعرف ما يقوم به».

نضال شعوب الشرق

كتب الشيخ صالح العلي قصيدة قبل الثورة مطلعها:

دافعوا عن بلادكم يا بني الشرق
وسيروا إلى العــــــــــــــــــــــــــــــــــــلا باتحاد
ولا تضيعوا أمجادكم واطلبوهـــــــــا
في ظلال السيوف والأغمــــــــــــــاد
واستعيدوا إرث الجدود الميامين
ولو في مخالب الآســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد

نستطيع من هذه القصيدة معرفة ما كان يفكر به الشيخ الثائر، فنيران الثورة على الاستعمار تشتعل في بلدان الشرق الواسعة. وكان من عادة الصحف الرأسمالية في ذلك الزمن اتهام كل الثائرين بالبلشفية. تماماً كما قالت إحدى الصحف عام 1925 عن الثورة السورية الكبرى التي قادها سلطان باشا الأطرش بأنها: روح الشيوعية الفدائية.
ألهبت ثورة أكتوبر شعوب الشرق، وخاصة بعد فضحها لبنود اتفاقية سايكس بيكو. وكان ثوار الشرق يتراسلون فيما بينهم. وتبادل لينين الرسائل مع سعد زغلول في مصر، وإبراهيم هنانو في سورية، والشيخ محمود الحفيد في كردستان العراق، وغيرهم لتفجير نار الثورات ضد الاستعمار.
كما تلقى الشيخ صالح العلي رسالة من المهاتما غاندي في الهند. وتدور هذه الرسالة حول أطماع الغرب في الشرق. ويصفها المطلعون بأنها مكتوبة بلغتين، إحداهما بالعربية، ويصفون شكلها: أن طولها يبلغ ضعفي عرضها. ويحفظ أكثر من مطلع هذا المقطع ويرددونه بحرفيته: «إن الغربي النهم يفغر فاه، ليلتهم الشرق أجمع، فمُد يدك أبايعك على أني في الشرق الأقصى كما أنت في الشرق الأدنى لكبح جماح الغربي النهم».
كان لينين بلشفياً وحيداً بينهم، والبقية ثوار وطنيون. والقاسم المشترك بينهم، أن الجميع أدرك أهمية وحدة نضال شعوب الشرق في ذلك الزمان.

المراجع
ثورة الشيخ صالح العلي أمثولة الثورات وسفر البطولة، مجلة دراسات اشتراكية العدد 93 «4» السنة الثانية عشرة 1990، ص 73-89.
مواد من الموقع الإلكتروني لأسرة الشيخ صالح العلي.
كتاب النائب عبد اللطيف اليونس عن ثورة الشيخ صالح العلي.