صور من تاريخ احتفالات الجلاء العظيم
أصبح الاحتفال بعيد الجلاء تقليداً وطنياً من تقاليد الشعب السوري منذ عام 1946، عام رحيل وجلاء الاستعمار والجيوش الأجنبية عن أرض سورية. واستمرت القوى الوطنية تحيي هذا التقليد كل عام. ونقدم هنا صوراً من تاريخ احتفالات الجلاء خلال مختلف المراحل التي مرت على البلاد.
دمشق 1946
في مدينة دمشق، حدثت احتفالات شعبية وجماهيرية واسعة يوم 17 نيسان 1946.
وكان مهرجان الوفود العربية على مدرج الجامعة السورية، والاحتفالات الرسمية المختلفة، والحشود الجماهيرية على ضفاف بردى. ومهرجان الحزب الشيوعي الذي خطب فيه خالد بكداش. ومظاهرة الشباب الشيوعي في دمشق. وإضرابات عمال الكهرباء والترامواي والسائقين من أجل مطالبهم. واختتم الحزب الشيوعي نداءه في يوم الجلاء: عاشت سورية جمهورية حرة ديمقراطية سعيدة. وعرف الحزب في الأربعينيات باسم «حزب الجلاء».
طرطوس 1951-1955
كانت احتفالات الجلاء في الخمسينات مترافقة بالنضال ضد الأحلاف الاستعمارية والمشاريع الإمبريالية. وترافق مع الاحتفالات، صراع مع المجموعات الموالية للمشاريع الإمبريالية. وعندما صعد الرفاق إلى جبلي السيدة والسايح وكتبوا عبارة «عاش عيد الجلاء» بكاز مشتعل عام 1951، استشهد الرفيق رئيف دعمش بضربة حجر على رأسه، كما استشهد الرفيق يوسف عيسى أثناء احتفالات الجلاء عام 1955.
اللاذقية 1954
كتبت جريدة الصرخة بتاريخ 1 أيار 1954 بعنوان «الإفراج عن معتقلي مظاهرة ذكرى الجلاء»:
أُفرج بعد احتجاجات شعبية واسعة، ورغم تدخلات المحافظ المكشوفة، عن جميع موقوفي مظاهرة الجلاء، وقد حاول المحافظ بشتى أساليب الضغط على القضاة، ولكنه فشل بمسعاه أمام إرادة الشعب ورغبته.
السويداء 1956
يقول النقابي مِزيَد صافي نصر أحد مؤسسي نقابة عمال البناء والأخشاب في السويداء:
ومن أغلى الذكريات في تلك الفترة، مشاركتي بالتظاهرة الحاشدة التي أقامها الحزب احتفالاً بعيد الجلاء عام 1956 التي امتدت من مكتب الحزب حتى مكتب السراي، وكان المشاركون يسيرون ثمانية، ثمانية، ومع كل مجموعة عازف مجوز، يغنون ويهتفون، وكنت أسير في المقدمة حاملاً العلم الوطني ومرتدياً اللباس العربي. وقد انتهت المسيرة بصدام مع رجال الشرطة.
سلقين 1957
في جو من النهوض الوطني العام، خرجت مدينة سلقين بقضها وقضيضها للاحتفال بعيد الجلاء عام 1957، بينهم عدد كبير من عمال الجرارات والعمال الزراعيين المنتصرين في الإضرابات حديثاً، والذين استطاعوا زيادة أجور قطاف الزيتون والحصاد في أراضي الاقطاعيين. وفي هذا الاحتفال، ألقى سائق التراكتور الشهيد مصطفى أمين هلال كلمة في الجموع المحتشدة. وعرفت مدينة سلقين في تلك السنوات باسم «موسكو الصغرى».
القامشلي 1965
كتب الرفيق الراحل عبدي يوسف عابد في جريدة قاسيون عام 2008: قبل أواسط نيسان 1965، وصلتنا رسالة من قيادة الحزب، تطلب منا الاشتراك في احتفال عيد الجلاء (الرسمي) بجماهير غفيرة، ورفع يافطات تحمل شعاراتنا، ونهتف بها.
حشدنا في القامشلي مئات الرفاق من الريف والمدينة، مع ثماني يافطات وهتافين ورفيق مسؤول، على أن ينتشروا في السوق والشوارع القريبة من سراي مدير المنطقة، ويترقبوا بدء الاحتفال لينضموا إليه ويشتركوا فيه، وكنت أتصل برفيق معه دراجة هوائية ليوافيني بالأخبار بين فترة وأخرى.
وعندما تأخر الاحتفال وتجاوزت الساعة العاشرة والنصف. قلت للرفيق الرسول: نحن حزب الجلاء، سنحتفل بالذكرى المجيدة لوحدنا.
انطلقت المظاهرة وفتحت اليافطات وارتفعت الأعلام، وهي تحيي ذكرى الجلاء وشهداء الاستقلال الأبرار. ومطالبنا: خبز وسلم وحرية، وعاشت الصداقة العربية السوفييتية، وتسقط الإمبريالية الأمريكية والصهيونية المجرمة، والشعب يطالب بالديمقراطية. واستمرت التظاهرة أكثر من ساعة، انتهت بتوقيف عدد من الرفاق.
المظاهرة أزعجت السلطات كثيراً، وخاصة بعض اليمينيين الحاقدين على رفاقنا. وقام هؤلاء في اليوم الثاني بحجز عشرات وسائل النقل، لجلب الفلاحين إلى القامشلي.
بعد الساعة التاسعة من اليوم التالي أخذت وسائل النقل من باصات وشاحنات وحتى تريلات جرارات، تدخل المدينة وتجوب الشوارع، وركابها يهتفون ضد الحزب الشيوعي وتطالب بحجز أموال الشيوعيين. يا حسرتي!
الحسكة 1987-1988
في سنوات 1987-1988، جرت تضييقات على احتفالات الجلاء في الحسكة واللاذقية ودرعا، ففي احتفال الحسكة «جبل كوكب»، جرى حجز سيارات المحتفلين، فعادوا إلى بيوتهم في مدينة الحسكة مسافة 5-8 كيلومتر عبر الطبيعة، ودخل آلاف المحتفلين إلى المدينة بمسيرة كبيرة تحمل الأعلام الوطنية والحمراء مرددين شعارات عيد الجلاء. كما جرى توقيف أعضاء اللجنة المحلية للحزب في أحد الاحتفالات في الحسكة.
سورية 2005
شهدت العديد من المدن السورية احتفالات بطرق متنوعة بعيد الجلاء المجيد عام 2005، ففي طرطوس خرج الرفاق والأصدقاء مسيراً بين قرى الجبال وصولاً إلى مسقط رأس الشيخ صالح العلي لمسافة 20 كم وهم يهتفون: جينا يا صالح جينا والرايات بايدينا. وشهدت القامشلي مسيرة جماهيرية هي الأولى من نوعها في ذلك الوقت، وهتفت الجموع: علّي الراية عليها، فوق النجم خليها، ضد النهب عليها، ضد الفساد عليها، بعين العدو خليها.
وشهدت مدينة القريّا في محافظة السويداء مهرجاناً شعبياً أمام ضريح قائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش. وفي دمشق، انطلق المحتفلون نحو ضريح الشهيد البطل يوسف العظمة في ميسلون وهم يرددون الهتافات. كما شهدت بلدات الجولان المحتل احتفالات متنوعة في يوم الجلاء.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1013