مهرجان برلين السينمائي.. فون ترير وسكورسيزي
زياد الخزاعي زياد الخزاعي

مهرجان برلين السينمائي.. فون ترير وسكورسيزي

لا خلاف على أن سهام الإعلام وضجيجه في الدورة الـ64 لـ"مهرجان برلين السينمائي" (6 ـ 16 شباط 2014) ستحاصر جديد الدنماركي لارس فون ترير "مهووسة جنسياً، القسم الأول" (خارج المسابقة)، المحتشد بوفرة بورنوغرافية ونجوم عالميين وغرائبيات صاحب "تكسير الأمواج" (1996). 

النسخة كاملة (145 د.)، خصّ بها الـ"برليناله" بعد غياب 20 عاماً، مفضّلاً مسابقات غريمها في "كانّ" الفرنسي، حيث حصد "سعفة ذهبية" عن "الراقصة في الظلام" (2000)، قبل أن يُطرد من قصر الـ"كروازيت" إثر مزحة حول النازية. حكاية نهم جنسي، بطلته شابة تدعى جو (شارلوت غينسبورغ)، يعثر عليها رجل عجوز في زقاق مغطاة بالدماء، قبل أن يستمع إلى تفاصيل سيرة مقسّمة على 8 مقاطع، مفعمة بالشبق واليأس والألم والسعي إلى التوازن والبحث عن معان للحياة وكسر قدرية السعادة الهشة. يختتم فون ترير هنا ثلاثيته السينمائية حول الاكتئاب، التي ضمت "ميلانكوليا" (2011) و"المسيح الدجال" (2009).

على منواله، يكون المعلم الأميركي مارتن سكورسيزي قبْلَة النقّاد والفضوليين وتسابقهم لمشاهدة نسخة غير كاملة لوثائقيه الطويل، بمشاركة ديفيد تيديسكي، حول إحدى أعرق المجلات العالمية "نيويورك ريفيو أوف بوكس" ذات الصدقيّة الأدبية ومرجعيتها التي زاوجت بين النقد والموقف والمعلومة. ساجل صاحب "ذئب وول ستريت" قامات إبداعية أميركية رصدت 50 عاماً من تمايز الكتابة وتاريخيتها وسيروراتها ورموزها وانقلاباتها. إنه الفيلم الوثائقي الثاني له في برلين، حيث افتتح فيلمه عن فرقة "رولينغ ستون" البريطانية دورة العام 2008.

الليلة، تشعّ شاشة "قصر السينما" في ساحة "بوتسدامر" الراقية بفيلم الافتتاح "فندق بودابست الكبير" للأميركي ويس أندرسن، تمهيداً لتنافس 23 فيلماً على "الدب الذهبي"، تحت وصاية لجنة تحكيم برئاسة المنتج الأميركي جيمس شيموص، ومنها جديد الجزائري ـ الفرنسي رشيد بوشارب "رجُلان في المدينة"، وهي أفلمة معاصرة لنص المخرج خوسيه جيوفاني أنجزه في العام 1973، تحامل فيه على النظام القضائي الفرنسي. بيد أن صاحب "بلديون" (2006) فضّل تكساس الأميركية على باريس الفرنسية، سارداً حكاية رجل سوابق يخرج من السجن شاهراً إسلامه، وساعياً إلى حياة جديدة. لكن، هل درب هدايته هيّن؟ يعود "جهبذ" السينما الفرنسية آلان رينيه (92 عاماً) مع "حياة رايلي"، اقتباسه الثالث لدراميات البريطاني أيان أيكبورن، عن ثلّة ممثلين يقرّرون اصطحاب زميل مُحتَضِر في رحلة أخيرة. من جهته، اختار نجم هوليوود جورج كلووني أُحدُوثَة تاريخية في فيلمه "رجال التُحَف" حول مساعي فرقة أميركية خاصة مكلّفة الوصول إلى خزين فني ثمين، سرقته قوات هتلر وأخفته كيلا يسقط في أيدي الحلفاء. بينما راكم مواطنه ريتشارد لينكليتر في "زمن الصبا" تاريخاً شخصياً مع طاقم بقي يصوّره منذ العام 2002 حتى اليوم، راوياً وقائع حول بطله اليافع "ميسن" على مدى 164 دقيقة.

إلى ذلك، رصد الفرنسي المقيم في لندن يان ديمونج في باكورته "1971" روع مجنّد بريطاني ألفى نفسه وحيداً في أرض معادية تابعة لطرف في الحرب الإيرلندية. مخرجة "حليب الأسى" ("الدب الذهبي"، 2009) البيروفية كلاوديا يوسا تستعيد، بـ"عالياً"، حكاية مخرج أفلام وثائقية يفكّك سرّ والدته، وامتلاكها قوى غريبة تشفي أمراض أطفال قرى نائية. أما الياباني يوجي يامادا فاختار لوعة الشاب تاكيشي إثر اكتشافه سرّاً عائلياً يقلب مفاهيمه وحياته إلى الأبد. في عمله الثالث "فحم أسود، ثلج رقيق"، يقارب الصيني دياو ينان جرائم غامضة تقود بطله إلى قاتلة حسناء يقع في عشقها، قبل أن يواجه استحقاقاً دموياً. بينما يتصدّى مواطنه لو يي، الذي فرضت سلطات بلده عليه حظراً لمدة خمس سنوات، لعالم الظلام والعميان في "تدليك أعمى". واختار ثالثهما نينج هاو عالم الجريمة والسفاهة الاجتماعية في "أرض محايدة"، إذ يتورّط محام شاب مع عصابة لا ترحم.

من اليونان، التي تشهد فورة سينمائية مميّزة، يشارك يانيس أيكونوميديس بفيلمه "ستراتوس"، وهو اسم رجل يعيش حياتين: عاملاً في مخبزة صباحاً، وقاتلاً ليلاً. أما البرازيلي المقيم في برلين كريم عينوز، فيحاكم أنانية بطله خفير الشواطئ الشاب دوناتو، الذي ينقذ سائحاً ألمانياً ويرافقه إلى موطنه، متخلّياً عن شقيق مراهق. في المقابل، تسرد الإيرانية الشابة سودابه مرتضائي (1986)، في باكورتها الروائية "ماكوندو"، حكاية هجرة وغربة ووجع قاهرة لغرباء يعيشون في مخيم أوروبي، من بينهم الصبي الشيشاني "رامسان"، الذي يرعى والدته وشقيقاته، وتختلّ قناعاته مع قدوم صديق والده الغائب. على منواله، صوّرت الألمانية فيو ألاداغ، في "بين عوالم"، حكاية صداقة بين جندي ألماني يخدم في قوات "إيساف" في أفغانستان ومواطن مترجم شاب مهدّد بالتصفية لتعاونه مع غزاة. وناقش مواطنها ديتريش بورغيمان، في "محطات الصليب"، مرارات إيمان وشكوك دينية تعصف بكيان صبية. بينما رصد دومينيك غراف فصولاً من يوميات عشق الشاعر تشيللر لشقيقتين.

 

المصدر: السفير 

آخر تعديل على الخميس, 06 شباط/فبراير 2014 22:56