قصص الصداقة السورية الفرنسية
في كثير من الأحيان، يشبه الضجيج الإعلامي جبل جليد خلبي، لا بدَّ من كسره وتذويبه، فالشماتة من الاحتجاجات الفرنسية ضجيج إعلامي خلبي للبعض، وسنكسره بطريقتنا عبر سرد جوانب من قصص الصداقة السورية الفرنسية التي لن تعجب البعض. وأقصد بذلك صداقة الشعبين السوري والفرنسي، وليست صداقة الحكومات.
وقف الشعب الفرنسي إلى جانب الشعب السوري خلال محطات مختلفة من تاريخه في القرن العشرين. حيث أعلن عمال المعادن والمناجم الفرنسيين الإضراب عن العمل تضامناَ مع الثورة السورية الكبرى 1925، وأضرب العمال الفرنسيون تضامناً مع إضرابات عمال سورية ضد الاستعمار الفرنسي سنوات العشرينات والثلاثينات. ولعبت جريدة اللومانيتيه الفرنسية دوراً كبيراً في مساندة نضال الشعب السوري ضد المستعمر الفرنسي، وإيصال صوته إلى العالم، واستشهد مراسلها الدكتور عادل النكدي في معركة بيت سحم بغوطة دمشق 1926.
كان النواب الشيوعيون في البرلمان الفرنسي صوتاً لنضال الشعب السوري، ورفع الشيوعيون شعار «سورية للسوريين» في مظاهرات عمّت المدن الفرنسية تطالب باستقلال سورية وجلاء الاستعمار الفرنسي عنها، كما كان لهم الدور الأساس في إبرام معاهدة 1936، التي نصت على استقلال سورية. وأرسلوا المحامين إلى سورية ولبنان للدفاع عن المعتقلين أمام المحاكم الاستعمارية الفرنسية. ولعبوا دوراً كبيراً في فضح الجرائم الفرنسية يوم 29 أيار 1945 أمام الرأي العام الفرنسي والعالمي، حتى تحقق الجلاء عام 1946. كما قاتل 5000 سوري ضد الاحتلال النازي في فرنسا، وقاتل ممثل الشيوعيين السوريين واللبنانيين في باريس الرفيق فؤاد قازان في صفوف المقاومة الشيوعية الفرنسية برتبة كابتن، واستشهد صديق الحزب الدمشقي تولومجيان على يد الغستابو الألماني في مدينة ليون.
في تلك السنوات، برز جاك دوكلو رئيس الكتلة البرلمانية الشيوعية مدافعاً عن الشعب السوري وحقه في الجلاء، ولا ننسى دور قائد الشيوعيين الفرنسيين موريس توريز في تحقيق الجلاء لسورية وطرد الفاشية من فرنسا. توفي توريز عام 1964، وتخليداً لذكراه أطلق السوفييت اسمه على معهد العلوم اللغوية في موسكو، وأصبح المعهد يسمى حتى اليوم بمعهد موريس توريز للغات الأجنبية