اللغات مفاهيم للعالم
أتقن فريدريك إنجلس العديد من اللغات، بما في ذلك جميع اللغات السلافية، حتى أنه خطّط لتأليف كتاب في علم القواعد المقارَن لهذه اللغات. كما عرف أيضًا اللغة القوطية، والسنديك الاسكندنافية، والسكسونية القديمة، ودرس اللغة العربية، وتعلّم اللغة الفارسية في ثلاثة أسابيع قائلاً إنها «مجرد لعبة أطفال». كانت لغته الإنكليزية المنطوقة والمكتوبة لا تشوبها شائبة. قيل عنه إنه «يتلعثم في 20 لغة».
بينما كان كارل ماركس قادراً على القراءة بجميع اللغات الأوروبية ومنها: الإسبانية والإيطالية والهولندية والاسكندنافية والروسية، وبارعاً في الإنجليزية ويعرف أعمال شكسبير عن ظهر قلب، وعلى القراءة والكتابة باليونانية واللاتينية، والكتابة بثلاث لغات: الألمانية والفرنسية والإنكليزية. وكرَّر مراراً القول: «اللغة الأجنبية هي سلاح في صراع الحياة».
وقع لينين في حب اللاتينية في الثانوية، لدرجة أن معلّمه توقَّع له مستقبل علَّامةً في هذه اللغة التي قرأ أعمال عمالقتها باللغة الأصلية، والتهم أعمال غوته خلال العقدين اللذين قضاهما في منفاه. وتكلم الإنكليزية بلكنة إيرلندية، لأنه تعلّمها من أستاذ إيرلندي في لندن. وأجاد الروسية والفرنسية والألمانية وغيرها.
وبعد اعتقال أنطونيو غرامشي من قبل الفاشية الإيطالية، طلب- في رسائله من السجن- الحصول على كتب قواعد اللغتين الألمانية والروسية، معتبراً أن «اللغات الحديثة بالنسبة للسجين هي بالتأكيد أكثر الأشياء جدوى في أن تُدرَس، وأنّ السجين السياسي يجب عليه أن يستخلص الدم من الصخر».
ويقول غرامشي: «إن كل لغةٍ تحتوي عناصرَ مفهومٍ ثقافيٍّ للعالم، ويمكن الحكم على مدى تعقيد مفهوم الإنسان للعالم من خلال لغته. فمَن يتكلم لهجتَه المحلية أو القومية فقط يشارك بالضرورة في فهمٍ حدسيٍّ إقليمي ضيقٍ متحجر خارج نطاق الزمن. واهتمامات هذا الإنسان ضيقة ذات طابع اقتصادي غير شامل. وإذا تعذَّر تعلمُ أكبر عددٍ ممكن من اللغات الأجنبية بهدف الاتصال بأنواع الحياة الثقافية المختلفة، فلا بد من تعلم اللغة القومية جيداً. فالثقافة العظيمة يمكن ترجمتها إلى ثقافة عظيمة أخرى؛ بمعنى أن لغةً قوميةً غنيةً تاريخياً ومركبةً يمكنها ترجمة أية ثقافةٍ عظيمةٍ أخرى، أي: أن تكون تعبيراً عالمياً. أما اللهجات المحلية فلا يمكنها أن تفعل ذلك».