فن الحياة!

فن الحياة!

مباشرةً بعد استجوابه من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي بتهمة «القيام بنشاطات غير أمريكية» و«التعاطف مع الشيوعية»، أجرى المسرحي الألماني الذي كان يقيم في الولايات المتحدة، برتولت بريخت، حواراً مع صحيفة محلية تابعة للمجلس ذاته.

 

سأله الصحفي: «تخوض الولايات المتحدة معارك ضد عناصر بربرية حول العالم، بأي حق تعارض حركتكم المسرحية هذا النشاط الخارجي؟ ولماذا تصرون على بث الدعاية المقلقة بين الناس؟ ألا يجب على الفنانين استثناء التوجه المباشر سياسياً؟ الأمور عندنا على ما هي عليه، ما الدافع لكل هذا؟».
بريخت: «إنها الرغبة في أن تكون بربرياً تجعل الحكومات المدججة بالسلاح تطلق على أعدائها وصف البرابرة. أما عن السياسة، فما تسميها حضرتك «حركتنا» ترى أن أشكال الفن جميعها هي خادم جيد لدى أعظم الفنون: أي فن الحياة. ولأن الأمور على ما هي عليه، ذلك يعني: أنها لن تبقى على ما هي عليه. إن أسوأ أنواع الفنانين الأميين هم الفنانون الأميون سياسياً، لا يسمعون، لا يتكلمون، ولا يشاركون في الأحداث السياسية، لا يعلمون أن كلفة الحياة، وأسعار الحبوب والأسماك والدقيق والإيجار والأحذية والدواء، كلها تعتمد على قرارات سياسية. لا يدركون أن السياسة التي يفاخرون أنهم «لا يحبونها» هي من تنتج التشوهات التي تكون مواضيع أعمالهم، هم من ينتجون المومس، والطفل المهجور، وأسوأ اللصوص، والسياسيين المتخمين من الشركات المحلية ومتعددة الجنسيات. الفن ليس مرآة قابضة على الواقع، بل مطرقة تساعد في تشكيله».