ماركس ليس سيداً للمال
تنظم جهات ثقافية وعلمية وسياسية مختلفة في العالم منذ فترة فعاليات إحياء الذكرى المئوية الثانية لميلاد كارل ماركس «1818-2018» الذي يصادف الخامس من أيار في العام القادم.
بعض تلك الجهات تحيي الذكرى من منطق معادٍ لأن لحية ماركس وأفكاره ترعبهم حتى اليوم، بعضهم الآخر من منطق متصوف محولين ماركس إلى أيقونة، ومجردين الرجل من أفكاره التي عرف بها في الاقتصاد والفلسفة. البعض الثالث يحيي الذكرى لأغراض تجارية محولين الرجل إلى سلعة تباع «بالمال» مثل: ما يحدث في ألمانيا حالياً من بيعٍ لتماثيله في المتاجر.
لم توفر القنوات الفضائية الأوروبية هذه الفرصة ليلصقوا بالرجل اسم سيد المال «Master of Money»! ورغم ذلك اعترفت بتأثيره على ملايين الناس حتى اليوم، وأشارت إلى أن أفكاره تؤخذ على محمل الجد، خاصة مع استمرار الأزمة الرأسمالية الحالية بتأثيراتها المدمرة، وازدياد الفجوة بين الفقراء والأغنياء، والحروب والمجاعات وغير ذلك. وتذكرت قول ماركس: «إن الرأسمالية محكوم عليها بالانهيار».
هذا الهجوم المغلف بمصطلحات أدبية أو إعلامية، وبغض النظر عن المحتوى المعروض، يدل على القوة المادية لأفكار ماركس، وتذكرنا بجملة وردت في البيان الشيوعي الذي كتبه ماركس وآنجلز عام 1848: «شبح ينتاب أوروبا، شبح الشيوعية، ضد هذا الشبح اتحدت في حلفٍ مقدسٍ قوى أوروبا القديمة كلها». وما زالت هذه المقولة صحيحة وعلى قيد الحياة اليوم عشية انهيار العالم القديم.
لم يكن ماركس سيداً للمال، بل مناضلاً عنيداً ضد المال، في العام 1883، انضمَّ حشدٌ إلى جنازة كارل ماركس في مقبرة لندن، حشدٌ مؤلف من أحد عشر شخصاً، بمن فيهم موظف الدفن. أشهر عباراته نُقشت على شاهدة القبر: «الفلاسفة فسروا العالم بطرقٍ مختلفةٍ، ولكن المسألة هي في تغييره».
نبي تغيير العالم هذا أمضى حياته هارباً من الشرطةِ، ومن الدائنين. وحول عمله الأهم (رأس المال) يقول: «لم يكتب أحد هذا الكم من الكتابة عن المال، وهو لا يملك إلا قليلاً جداً من المال. رأس المال هذا لن يكفي لتسديد ثمن التبغ الذي دخنته وأنا أكتبه».
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 838