د. طيب تيزيني: الانتفاضة فتحت فجوة في التاريخ المعاصر
بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمفكرين أقام اتحاد الكتاب العرب فرع اللاذقية وبالتعاون مع مديرية الثقافة، ندوة فكرية بعنوان «هل هذه هي نهاية التاريخ» وقد ألقى المفكر العربي الدكتور طيب تيزيني محاضرة في هذه الندوة عن التاريخ والعولمة، مستهلاً المحاضرة بالحديث عن إرهاصات العولمة والعوامل التي أسهمت بنشوئها، والأسباب التي أدت لنشوئها ولخصها بـ: تفكك المنظومة الاشتراكية..
ما هي العولمة
وقد تحدث الدكتور تيزيني عن النظام العولمي شارحاً أهدافه ومراميه ولعل أهم ما ذكره الثأر من الفكر الاشتراكي، ومن كل ما قدمته البشرية من أيديولوجيات تدعو إلى العدالة الاجتماعية، فالعولمة تسعى إلى تقديم قيمها لنسف القيم السابقة، وهي ظاهرة تقف إلى جانب النظام الرأسمالي وتسعى إلى تكريسه، وتفتت كل الهويات التاريخية التي أنتجت نظماً تقدمية، ثم وصل الدكتور إلى تعريف للعولمة: بأنها نظام اقتصادي، سياسي، وعسكري، يعمل على ابتلاع الطبيعة والبشرثم هضمهم وتمثلهم ليتقيأهم سلعاً وهي حقبة متطورة من الحقب الرأسمالية ومفهوم الهيمنة هو الهدف الرئيس للعولمة. وأضاف الدكتور تيزيني، أن العولمة تطرح مفهوماً جديداً وطريفاً في آن معاً ((وحد تسد)) عوضاً عن المفهوم التقليدي ((فرق تسد)) بمعنى أن العولمة تسعى إلى توحيد السوق العالمية ليسود النظام الرأسمالي.
مهام العولمة:
عدد الدكتور طيب أهم مهام العولمة بالشكل التالي:
- إنتاج ثقافة سلعية استهلاكية نمطية
- صراع إثنيات واستبعاد الصراع الطبقي.
- قيم مذهبية عشائرية بدلاً من القيم الحضارية الإنسانية
- تأجيج الصراعات وابتلاع الهويات.
- إقصاء المرأة عن هويتها الاجتماعية وإعادتها إلى وظيفتها الجسدية كسلعة وتحويلها إلى مسوق للسلعة ((سلعة ومسوق للسلعة)).
- ضرورة سقوط مفهوم الدولة لأنها عائق في طريق العولمة وصولاً إلى نظام السوق الكوني السلعي و إن إقصاء الدولة يؤدي بالضرورة إلى الفوضى وأن السوق وحدها هي مصدر كل الأشياء.
إن النظام العولمي يسعى إلى إنتاج خصوم جدد لأن السلام والعولمة ضدان لا يلتقيان فمثلاً أمريكا التي تمثل النموذج الأمثل للعولمة خاضت ((277)) حرباً بدءاً من تاريخ نشوئها وحتى الآن منها ((37)) حرباً منذ عام 1989 وحتى تاريخ المحاضرة. وهذا مؤشر على سبب ارتباط أمريكا بإسرائيل لأن كليهما يؤسس للآخر.
هل العولمة نهاية التاريخ:
يجيب الدكتور بأن التطور التاريخي ليس مقفلاً ولا توجد بنية مغلقة ودائماً هناك فرص للاختراق وما جرى من مظاهرات بدءاً من فاتحة التاريخ التحرري الجديد أي من سياتل ومروراً بجنوى ومدريد.. وصولاً إلى الانتفاضة الفلسطينية، ، ويرى الدكتور تيزيني أن الصراع العربي الصهيوني يعتبر تجلياً للصراع الطبقي في العالم وبناءً على هذا فإن العرب، وبالأخص سورية، أصبحوا مفتاح الاختراق التاريخي لهذه الرأسمالية المسماة ((عولمة)).
ما العمل في مواجهة العولمة :
طرحت حول هذا السؤال كتمهيد مجموعة من الأسئلة من هم هؤلاء المدعوون لإحداث هذه العملية الاختراقية.
من هم هؤلاء الذين يملكون القدرة على تفكيك النظام الرأسمالي المعولم.
يرى الدكتور أن الحامل الاجتماعي والسياسي والثقافي للمشروع العربي النهضوي التنويري التحرري هم أولئك الذين لهم مصلحة وطنية وطبقية بهذا المشروع. فالانتفاضة فتحت فجوة في التاريخ المعاصر..
مشروع حضاري تنويري
ويعود الدكتور طيب تيزيني ليطرح سؤالاً : هل بالإمكان التأسيس لمشروع حضاري تنويري في وقت تتالى فيه الهزائم؟ ويجيب بنعم عبر خلق مجتمع سياسي حقيقي غير زائف يقوم على التالي:
1- إلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارئ.
2- إصدار قانون للأحزاب عصري وجديد.
3- إصدار قانون للمطبوعات.
4- تفعيل أحزاب الجبهة التي أصبحت عاجزة وقاصرة على تلبية طموح وآمال الجماهير في بلدنا.
5- إشاعة الحريات الديمقراطية والإفراج عن المعتقلين السياسيين.
6- إيجاد آليات جديدة لحراك سياسي يدعم الانتفاضة التي فتحت فجوة في التاريخ المعاصر.
وبعد أن أنهى الدكتور طيب تيزيني محاضرته فتح المجال للحوار، فقدمت مجموعة من المداخلات والتساؤلات القيمة التي أغنت المحاضرة بالكثير من الآراء والأفكار التي أثارت نقاشاً ساخناً.
تحدث الدكتور تيزيني عن معوقات مشروع التطوير والتحديث مبيناً بأن هناك قوى في الداخل تسعى بكل ما تملكه لعرقلة هذه المسيرة من خلال صراع غير معلن.
وفي مداخلةٍ لمحافظ اللاذقية السيد صافي بو دان، ومختلفاً مع آراء المحاضر قال بأنه لا يوجد أي صراع داخلي بينما يتجه الجميع للعمل والنهوض بالوطن.
وأنهى الدكتور طيب حديثه بالقول إن مفهوم الدولة الأمنية أسس وأنتج وأطلق سياسة إفساد من لم يفسد بعد، بحيث يكون الجميع مداناً وتحت الطلب فلا يستطيع أحد محاسبة أحد، وأكد أيضاً أن محاربة الفساد يجب أن تكون نهجاً ثابتاً بدلا من أن تكون سياسة انتقائية.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 175