من التراث مارتن أنديك... مسلم سني؟!!
لم تعد التقسيمات والنزاعات الطائفية البغيضة حكراً على أولئك المتشددين..... أصحاب الرؤوس الضيقة والفهم المتخلف، بل أضحت تلك التقسيمات «أمريكية» بامتياز، لتغيب تقسيمات عالمنا المعروفة (تقدميون ـ رجعيون) أو فيما يخص منطقتنا (عرب أغنياء ـ عرب فقراء).
هذا ماأعلنه الشيخ العلامة مارتن أنديك صاحب الطريقة الأنديكية وذلك في آخر خطبة له، أو بالأحرى في خطابه الأخير بمدينة سيدني الاسترالية تحدث فيها بحرقة ممزوجة بالألم عن هزيمة إسرائيل في حربها الأخيرة ضد حزب الله (الشيعي) حسب قوله، ولم يبخل بالنصح والإرشاد وإعطاء الدروس المذهبية بأن تستثمر إسرائيل علاقاتها الجيدة مع أولئك (العرب السنة). لتحول هزيمتها إلى نصر وفي ذات الحديث نصح إسرائيل بعدم التفريط بهضبة الجولان في أية مفاوضات مع سورية (على الأقل في الوقت الحالي) والسبب برأيه أن الحكم في سورية ليس سنياً.
الآن... تماماً.... لكم أن تبكوا على حالنا وتعلموا مقدار الهزيمة والتفتت الذي نعيشه وكيف يرانا هو، وأي طائفية تنمو وأين؟ ولمصلحة من؟ تتصاعد الأصوات المشككة في انتصار حزب الله المذهل، والحذر الذي يطالبنا به البعض من إيران ودورها الشيعي في المنطقة، لكأن المقاومة أضحت حالة أخطر من الاحتلال إذا كان هو سيسلبنا الأرض فإنها هي من سيسلبنا العقيدة.
المفارقة الأخرى أن الذي تكلم لأول مرة في تاريخنا حول (الشيعة و السنة) هو يهودي أيضاً عبد الله بن سبأ مع فارق زمني عمره مئات السنين، لكن المفارقة المحزنة والمخزية أن نعيش الحالة قبل ألف وأربعمائة عام ثم يأتي يهودي آخر ويطالبنا أن نعيشها بعد ألف وأربعمائة عام.
وإذا عدنا في التاريخ إلى الوراء... وبالتحديد إلى أقوال وأفعال النبي محمد (ص) لانرى هناك أي تقسيم طائفي أو مايدعو لنشوئه حتى في عصر الخلفاء الراشدين، لم تبرز تلك الخلافات. وإذا كانت الفتنة قد بدأت في عهد عثمان وتحديداً قصة مقتله تذكروا أن الإمام علي أرسل ولديه الحسن والحسين لحماية عثمان من القتل والوقوف على باب داره. وتذكروا أيضاً أن للإمام علي أبناء كثر أسماءهم تدل بوضوح على عدم وجود أي خلاف حقيقي مع بقية الصحابة... أبو بكر وعمر وعثمان.. كانت أسماء أولاد علي من غير فاطمة.
وإذا كان في تاريخنا الطويل بعد الخلافات الفقهية والسياسية التي مزقتنا شر تمزيق وكان سببها الجهل وعدم وضوح الرؤية، أو بعض المصالح الآنية لبعض المستفيدين فهل نعيد الكرة بنصائح أمريكية، ونقع في الفخ من جديد، وهل ستبقى الطائفية خاصرتنا الرخوة، والمستنقع الموحل الذي نغوص فيه على الدوام.
كيف لنا أن ندافع عن طوائف وأديان ورثناها كما ورثنا لون الشعر والعيون، كيف يمكن أن يستباح الدم بحجة الطائفية ودم المسلم على المسلم حرام هي دعوة للعقلاء في كل الطوائف أن يعرفوا عدوهم الحقيقي.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 285