أوراق خريفية.. صدّق أو لا تصدّق ...!

منذ أكثر من ثلاثة عقود وبعض أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية، لم تكن راضية على بعض بنود ميثاق الجبهة.

فعقدت العزم مغتنمة وجود بعض الانفراج النسبي، وبقّوا البحصة وأعلنوا نفاد صبرهم من بقاء هذه البنود، بحجة ترهلها وعدم تلاؤمها مع مستجدات العصر.

وبذريعة أن بعض أحزاب الجبهة أصبحت دون قواعد على الأرض.

وأن بعضها تشظى وتمزق، ولم يعد يحسب لها حساباً.

وحيث أن الدسائس الخارجية الغدارة شغالة على طول...

فإن كل ذلك يحتّم على قيادة الجبهة أن تناضل لتعديل الميثاق.

فتجاسر قادة بعض أحزاب الجبهة وعقدوا مؤتمرات صحفية لوضع النقاط على الحروف، إذلم يتبقّ لديهم الكثير من الوقت ليودّعوا هذه الحياة الفانية بعد أن بلغ أكثرهم من العمر عتيّا...

وأرادوا أن تذكرهم الأجيال القادمة بالخير.

فما كان منهم إلا وأن رموا ن على رؤوسهم عقالاتهم، وصرخوا بالفم الملآن: يا عالم يا هو! كفانا لف ودوران...

علينا مراجعة ميثاقنا برجولة وشرف وحس عالٍ بالمسؤولية، فالتاريخ لن يغفر لنا أبداً.

 ألا تقتضي الضرورة ما يلي:

ــ حذف اللاءات التاريخية الثلاث مع إسرائيل (لا اعتراف لا تفاوض لاصلح).

ــ حذف عبارة (الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأخرى...) بعد أن أصبحت في خبر كان.

ــ حذف عبارة (الثورة العربية والاشتراكية) أينما وجدت..

ــ حذف جملة (وحدة الأحزاب السياسية القومية على صعيد الوطن العربي)..

ــ حذف شغلة (التنظيم السياسي الموحد لأحزاب الجبهة).

ومع ذلك، هناك من يتبجح ويقول بأن كل هذه التعديلات هي لفظية وشكلية لا تسمن ولا تغني من جوع..

فتصوروا قصر النظر عند هؤلاء المتبجحين يا أمّة الله!

 أسرّ لي أحد الأخوة الوزراء بآخر جلسة سمر بيننا، أنه وبقية الوزراء..

قدَموا اقتراحاً إلى السلطات المختصة بحجب بونات السكر والرز من مخصصا تهم الشهرية. ليس هذا فحسب؛ بل إنهم وحرصاً على مشاعر بعض الأخوة المواطنين الذين يعانون من قلة مياه الشرب في مناطقهم. فقد اتخذوا قراراً تاريخياً مفاده:

إنه اعتباراً من الثلاثاء القادم، سوف يستعيضون عن عبوات المياه المعدنية المتوضّعة أمامهم على الطاولة البيضوية، بمياه عادية كالتي يشربها أغلب المواطنين.

لا سيما وإن الصور التذكارية التي يلتقطونها في اجتماعهم الأسبوعي، تبدو معها هذه العبوات بشكل استفزازي واضح، إلى جانب صحون البيتفور وأباريق العصير!!

وذلك تضامناً منهم مع أخوتهم الظامئين من جهة، وإمعاناً منهم بترشيد الإنفاق والاستهلاك من جهة أخرى.

خاصةً وأن هذه الضيافة تُعدّ موادّ مستهلكة؛ سواء مثلاً فُتِحتْ هذه العبوات أم لم تُفتحْ.

وسواء التُهمِت هذه البيتفورات أم لم تُلتهم..

ولا يُخفى على القارئ الحصيف ما يكلَف ذلك على خزينة الدولة.

وبعد أن أنهى الأخ الوزير شرحه المفصل عن هذه الأعراف والتقاليد الجديدة التي سوف يطبقونها، اعتذر بدماثة ولطف شديدين عن عزمه المغادرة، واعداً بجلسة سمر قريبة.

ثم أومأ بإشارة من إصبعه إلى سائقيه الخمسة لتحريك سياراتهم استعداداً للتوجه إلى مزرعته.

ليوقَع هناك بريد العقود الخارجية بهدوء وسكينة.

 معتقل سياسي في إحدى جزر الواه الواه، سُمِح لذويه بزيارته بعد عشرين عاماً من اعتقاله!

ولدى وصوله إلى غرفة الزيارة، كان بانتظاره حشدٌ من الأهل.. تعانقوا وبدأ النحيب...

قال لإحداهن متأثراً: يامو أرجوك لا تبكي!

الحمد الله أنا بخير ..

فأجابته متنهدة والدموع في عينيها: يا حسرتي عليك يا حبيبي!..

أنا لست أمك،أنا أختك الكبيرة... أمك ماتت من زمان!...

■ ضيا اسكندر اللاذقية

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
228