تصبحون على وطن... البحث عن شهداء ميسلون!!
في غفلة الزمن الأمريكي.. وسط الزحام.. فقدنا وجوهنا... ارتدينا الأقنعة.. نسينا أسماءنا.. أبناءنا.. آباءنا.. أضعنا ذاكرتنا الوطنية القريبة والبعيدة...
مزيد من الضجيج.. مزيد من التلوث.. مزيد من الاختناق...
نانسي عجرم تغزو الفضائيات العربية... تتقاضى (1.5) مليون دولار مقابل الإعلان لـ (بيبسي كولا).. لتنافس الـ (مكا كولا) التي نافست الـ (كوكا كولا)...
هيفاء وهبي تتربع على مسرح قرطاج في مهرجانه السنوي... رقصت.. تدلعت.. تعرت.. لم تستطع أن تمنع الحضور من الانسحاب..
شيرين تطلق ألبومها الجديد...
روبي مازالت تتعرى لتنسج أحلاماً وردية للمراهقين...
شركات الموبايل الحصرية تبيع الهواء.. تحصد الجيوب.. (ترعى البيئة والفنون)...
مزيد من الضجيج.. مزيد من التلوث.. مزيد من الاختناق...
مطاعم الماكدونالد تقدم وجباتها الدسمة على أنغام القصف والاحتلال... لتغدو مشاهد المجازر والدم النازف من فلسطين إلى العراق.. إلى بقاع الفقراء في المعمورة المهدمة... لوناً موحداً لعالم الاحتضار..
مزيد من الضجيج.. مزيد من التلوث.. مزيد من الاختناق...
هي غفلة من الزمن لن تدوم.. مازال فينا صوت ينادينا.. كي نكون نحن نحن.. أباءً لأبنائنا.. وأبناءً لآبائنا.. ملحاً لأرض تعمدت بنجيع الشهداء...
مازلنا هنا.. مازال فينا دمٌ لم يتأكسد ليتحول قطراناً في أقنية الروبوت الأمريكي..
اقتربت ذكرى ميسلون.. وكالعادة يقوم الشباب الوطني بمسيرهم السنوي نحو الضريح ليؤكدوا مأثرة يوسف العظمة في وجه المحتل... ويوسف لم يكن وحيداً في ميسلون.. كان ضمن ثلة من أبناء الوطن الذين قضوا معه فداءً للتراب الوطني...
من هم هؤلاء الشهداء؟.. لابد أنهم كانت لهم أسماء قبل أن يتوحدوا في جسد الوطن..
وهنا بدأت رحلة البحث عن تلك الأسماء.. لتبدأ (المسخرة):
توجهوا إلى رابطة المحاربين القدماء وهم على يقين أنهم سيجدون الأسماء هناك.. كان الجواب: (تعالوا غداً)..
جاءوا في اليوم التالي.. كان الجواب: (لاتوجد لدينا أسماؤهم).. وحولوهم إلى مكتب شؤون الشهداء.. والذي بدوره لم يجد لهم أسماء.. وحولهم إلى (المعهد الفرنسي للدراسات العربية)!! نعم.. المعهد الفرنسي!!!..
وفي معهد أحفاد المستعمرين لم تكن هناك أسماء للشهداء.. ويمكن أن تكون في بعض الكتب، ولكن العملية بحاجة إلى بحث..
توجهوا إلى المتحف الحربي.. وبعد مراجعات وأسئلة.. كان الجواب: هناك أرشيف، ولكن لانعلم إن كان يحتوي على تلك الأسماء.. ومع ذلك فإن فتح الأرشيف يحتاج إلى إذن وموافقات..
لم يعد الوقت متاحاً.. ففي الصباح الباكر سيبدأ المسير نحو ميسلون.. ولكن رحلة البحث عن أسماء شهداء ميسلون لم تنته بعد... (وهي برسم من يعرفهم)..
مزيد من الضجيج.. مزيد من التلوث.. مزيد من الاختناق... مزيد من نانسي وبيبسي.. مزيد من الموت...
هي غفلة من الزمن الأمريكي لن تدوم.. لتبقى ميسلون حاضرة.. وتبقى المقاومة هي الذروة...
■ كمال مراد
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 226