ماذا تقول يا صاحبي؟ إلى أين؟!

■ الغريب العجيب أن تسوء أوضاع الجماهير الشعبية.. أوضاع غالبية المواطنين دون أن ترى أو تلحظ أو تلمس أو تحس اهتماماً جدياً حقيقياً بمعاناتهم.. بل إنك تسمع وستسمع دائماً كلاماً عاماً وغائماً عن مساع ستبذل وستتخذ لتحسين هذه الأوضاع.. حتى أن كثيراً من المسؤولين المعنيين لايتحرك لسانهم إلا بسوف والتسويف عامة وأن بعضاً منهم ـ وبكل جراءة ـ سيفاجئك بأن المشكلة التي يتناولها بحديثه بل إن المشكلات كلها قد جرى التصدي لها.. وعولجت و«انتهت»، وفي الحقيقة والجميع يعرف لاشيء ملموساً تم على أرض الواقع.

● وأنا بدوري أسألك أن تبتعد عن الكلام العام العائم وأن تحدد موضوعك وباختصار، فقد قيل: خير الكلام ما قل ودل!!

■ كما تريد.. سأتناول المشكلة الرئيسية.. مشكلة ارتفاع الأسعار الذي لم يتوقف وهو سبب أساسي في تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين وسأختصر الكلام وأقتصره على الموادالغذائية فالزيت والسمنة والزبدة و... و.. و.. إلخ تستمر قفزات ارتفاعها ونحن في سباق معها وأجسادنا لم تعد قادرة على متابعة الجري واللهاث وراء لقمة العيش وتكاليف الحياة.. وسنبقى مندفعين في ميدان السباق، ولابارقة أمل أو بصيص ضوء..

والأنكى السؤال الذي يؤرق: هل سيحس بهموم الناس ومشكلاتهم من يمتلك الأرصدة والأطيان والمزارع والنملات والشبحات والنعيم و«السبع تنعام»؟

● عدت إلى الكلام العام العائم والصور البيانية.. اختصر وأوجز!

■ يا صاحبي هذه ليست صوراً بيانية.. إنها حقيقة نعيشها ونكتوي بنارها.

● صحيح ماتقول، ولكن ذلك ليس وقفاً على بلادنا فكل دول العالم وشعوبه وأممه تعاني وتكابد.

■ نعم.. الكل يعرف ذلك ويعرف أن غالبية دول العالم إن لم أقل كلها تمتلك نواظم وأسساً وهيكلية للتعامل مع قضية الأسعار والحكومات تتحدث عنها إن ارتفعت أو انخفضت وتبين الأسباب ولاتتجاهل المشكلة.. كما تبادر جموع المتضررين بارتفاع الأسعار إلى التحرك في وجه هذه الارتفاعات مدافعة عن حقوقها.. وكم سمعنا ونسمع عن إضرابات العمال والموظفين والمزارعين والفنيين والحرفيين والمهنيين لرفع الغبن والإجحاف الذي أصاب معيشتهم ولايتوقفون إلا بعد أن يستجاب لمطالبهم المشروعة العادلة.

● وكيف برأيك تسير الأمور عندنا؟

■ برأيي أن هناك خللاً واضحاً في أداء الأدوار المنوطة بالمعنيين بهذه الأمور فالإعلام يسهب في الكلام عن الإضرابات التي تشهدها دول العالم وارتفاعات الأسعار وصور الفساد والإفساد خارج حدود الوطن.. والمسؤولون في الحكومة لايتحدثون عن الأسعار إلا بعد أن تفوح رائحتها وتزكم الأنوف... والحديث عندها يأتي من باب رفع العتب.ومعظم ممثلي الفعاليات والمنظمات النقابية والمهنية والشعبية أصبحوا ممثلين شكليين للجهات التي باسمها وصلوا إلى مراكزهم بعد أن توفرت لهم مناخات أبعدتهم شيئاً فشيئاً عن واقع حياة من يمثلون!! فتضاءلت مبادراتهم وضعفت عزائمهم وصارت أدوار الكثيرين منهم منحصرة في إرضاء ومجاراة رغبات من أوصلهم إلى مراكزهم... وهي حقيقة لايجهلها الناس. ولست أبالغ إن قلت: إن العديد منهم قد أتقن لغة المزاودة وفن النفاق ويكفي ما تسمعه منهم عند أية زيادة في الأجور ـ علماً أن هذه الزيادة هي جزء يسير من حقوق أصحاب الدخل المحدود ... إضافة إلى أن الزيادة تكون قد تآكلت قبل استلامها... ويستمر اتساع الهوة بين الأجور والأسعار ولاحل معقولاً أو جدياً لهذه المشكلة المعضلة وصرنا أمام واقع خلاصته: من يعانون ويكابدون لاقرار بيدهم ومن بيدهم القرار لا يعانون ولا يكابدون... فماذا تقول يا صاحبي؟!!

■ محمد علي طه

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

معلومات إضافية

العدد رقم:
226