الرقص الشعبي كأداة تراثية حديثة

الفنون الشعبية هي لغة اتصال بين الفرد والمجتمع والطبيعة، وهي إغناء للروح بجمالية خاصة لذلك إذا قلنا بأن النفس بحاجة إلى حالة من الإشباع بالقيم السامية من صدق وأمانة وإخلاص، فالجسد بحاجة إلى تهذيب غرائزه، هنا لابد من إشباع الروح وإغنائها، وهذا يأتي من صور إبداعية فنية وفي مقدمتها الفنون الشعبية بما تحمله من صدق في التعبير وأصالة فيها الكثير من العفوية، و يتمثل هذا بالرقص والغناء الشعبي اللذين بقيا مستمرين منذ عصور.

يحمل فيصل دياب هذه الرسالة الفنية الصادقة منذ أكثر من عشرين عاماً، متنقلاً عبر العديد من الفرق الشعبية، حتى انتهى به المطاف إلى العمل بشكل متواصل مع فرقة عبد الله البيطار للفنون الشعبية، وهو من الراقصين الهامين في الفرقة، وقد جال مع الفرقة في معظم المحافظات السورية، وكانت له مشاركات في العديد من  المهرجانات العربية والدولية وآخرها في ألمانيا. إنه راقص متميز أثبت حضوره. وحول آرائه في الرقص الشعبي سألناه:

■  فيصل دياب، كيف نستطيع الحفاظ على تراثنا الشعبي والتجديد فيه في آن واحد؟

● إنني أعتبر الفنون الشعبية جسر تواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وهي ليست مادة جامدةً، ففي أكثر من جانب هي أسلوب لمحاكاة ومخاطبة المجتمعات الأخرى، وبنفس الوقت المحافظة عليها كونها إرثاً ومخزوناً ورثناه عن آبائنا وأجدادنا، ومن الطبيعي أنه في ظل انتشار الكليبات والأغاني السريعة الموجودة، لابد من إعطاء جهد أكبر وإمكانيات كافية مادياً ومعنوياً، للمساهمة في إيصال هذا الفلكلور إلى المستوى المطلوب، من توفير أزياء وغيرها، ومن ناحية ثانية لا بد من إنجاز المهرجانات والحفلات لإيصال هذا الفن بشكل أوسع إلى مختلف شرائح المجتمع.

■  هل المدارس والمعاهد الأكاديمية الموجودة حاليا كافية لتعليم هذه الفنون؟

● اعتقد بأن هذا النوع من الفنون بحاجة إلى جهات تقوم على رعايته واستثماره فنياً بالدرجة الأولى، والتعامل معه كرسالة تعكس واقعاً إنسانياً ثانياً. فالمعاهد والمدارس الحكومية تعتمد على برامج أكاديمية يتقيد بها الطالب على أساس منهاج دراسي تعليمي فقط.

■  وما دور النقابات الموجودة في دعم فكرة انتشار الفرق الشعبية الفلكلورية ؟

● يمكن للنقابات فعل الكثير، لأننا، ومن خلالها، نستطيع صقل مجموعة تطلعات لدى شبابنا، والغاية هي كيف يمكن لنا أن نعيد هذا الفلكلور إلى الصدارة في اهتمامات أجيالنا من خلال التعاون مع كل الجهات المهتمة.

■  من المعروف أنكم زرتم بلاداً عربية وأجنبية عديدة بالإضافة إلى المحافظات السورية كيف كان تفاعل الجمهور معكم؟

● كان تفاعل الجمهور في البلدان الأجنبية معنا كبيراً جداً، وهم تواقون لمشاهدة المزيد، لما تحمله هذه الفنون من صدق وأصالة، ويعود الجزء الكبير من الفضل في ذلك إلى الجالية العربية السورية في مختلف أرجاء العالم. 

و نجد في المحافظات السورية أيضا تجاوباً كبيراً، وحضوراً متميزاً، لأنك تحاكي بهذا الفن ما هو موروث ومخزون من ثقافتنا لكل أبناء القطر وليس كما يدعي البعض من أنه ليس هناك سوق إلا لثقافة «الجمهور عايز كدّه».

■  هل يمكن الصمود أمام ما يجري اليوم من تشجيع كل ما هو معولم، ومن طمس لباقي الفنون الشعبية الفلكلورية؟

● بداية لابد وأن لكل نوع من الفنون محبيه، بما فيه الفن الشعبي، وأظن بأن الفن الشعبي وأثره أكبر من الطمس، لأنه لا يقتصر على فئة من المجتمع، وإنما يخاطب مختلف شرائح المجتمع، ومن المؤكد أنه قادر على الصمود والبقاء والاستمرار مهما كانت المعيقات. 

■  ما المطلوب منا للحفاظ على هذا التراث وتطويره وما الإجراءات التي تساعد على حمايته؟ وكيف يمكن الاستفادة من تأسيس فرقة تحافظ على الفلكلور الشعبي؟

● أولاً لابد من تبني فرقة فنية تحمل مؤهلات المسؤولية بصدق وأمانة للحفاظ على هذه الرسالة، ودعمها بما يلزم من احتضان القدرات الفنية الملمة بهذا الفن، ولا بد من تضافر مجموعة من الجهود وتأمين دعم مادي ومعنوي، فالفرقة بحاجة إلى أزياء تتماشى مع الرقصات، وتأمين المستلزمات الفنية الأخرى للغناء، والدعم المعنوي من أجل تواصل هذه الفرقة مع مختلف شرائح مجتمعنا وبكافة محافظاته. فتراثنا غني جداً.

إن الفنون الأكثر عالمية هي الفنون المغرقة في المحلية، ونعتقد أن الخروج إلى العالم بهذه الثروة المحلية، أكثر قيمة من تقليد الفنون الحديثة المعولمة فاقدة الطعم واللون والرائحة، وتمنحنا شعوراً لا يمكن مقارنته بما يمنحه أي نوع من الفنون المعلبة ذات النمط المتكرر إلى ما لا نهاية.

■  حاوره إبراهيم نمر

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.