ماذا تقول يا صاحبي؟... بين الأمس واليوم

■ كنتَ قد وعدتني في الزاوية السابقة أن تتابع حديثك عن تهاوي تخرصات المدعين بانتهاء زمن الأيديولوجيا وزوال عصر الشعوب، مدعماً رأيك بشواهد شعرية من ميدان الواقع المعاش… فماذا لديك لزاوية اليوم؟!

● صحيح ما تقول.. وهاأنا أتابع حديثي.. ولعلك تذكر أن عنوان الزاوية الماضية كان «بين اليوم والأمس». وعنوان الزاوية هذه «بين الأمس واليوم» وهذا التداخل يحمل فكرة عن جدلية العلاقة بين مامضى وبين ماأتى ويأتي.. فمنذ أيام قليلة وخلال الاحتفال بالذكرى الخمسين لانتصار أحرار فيتنام في معركة ديان بيان فو تحدث قائد تلك المعركة الأسطورية الجنرال جياب، فعبر عن الاعتزاز الذي يملأ نفوس الأحرار في العالم بأي نصر تحققه الشعوب، فمعارك الحرية هي معارك الإنسانية كافة.

■ وهل كان للبلاد العربية قسط في حديثه؟!

● نعم… فقد أكد ثقته بانتصار الشعب العراقي في مقاومته للاحتلال الأمريكي البريطاني.. وكذلك نضال الشعب الفلسطيني.. وهنا بيت القصيد.. لأن الواقع الراهن يجسد بما لايقبل الشك أن مشاعل الحرية في وجه ليل القهر والاستعمار والاستعباد هي في اتقاد وتوهج.

■ أشاطرك الرأي. فالدليل الحي يشخص في كل أرجاء الأرض… في المظاهرات ضد الرأسمالية المتوحشة… وكذلك الانتفاضات والمقاومة للاحتلال والتسلط والقهر. فما حصل في جنوب لبنان، ويحصل في ساحات فلسطين وفي أرجاء العراق هو دليل لايدحض على نهوض الشعوب للذود عن حريتها وكرامتها حاضراً ومستقبلاً.

● وأنا بدوري سأقدم الشاهد الشعري وسأكتفي بمقطعين من قصيدتين… فمن قصيدة للشاعرة فادية غيبور:

ليكن دمٌ.. ولنخلع الآن الهزائم والمآتم والسواد

ليكن دم.. ولنغسل الآن الأكف الداميات

من السلام المستحيل ومن مشاريع الهوان

فدماء أطفال الحجارة

أزهرت غضباً.. وصارت مهرجان.

ومن قصيدة للشاعر عبد الكريم عبد الرحيم ترصد انبثاق الجديد الذي تصنعه الشعوب.. وشعب فلسطين نموذج منها:

امدد شرايين الضحى 

كي لا يمر الوقت أسود في دم الكلمات.

كي يعلو (جينين) وليس يعلونا النجاد

خشب جياد الميتين.

دمى تحركها خيوط مهرجين.

وقامة الوطن ابتداء.. من تهجى ناره؟!

بأصابع الأطفال تشتعل الزناد

دقوا نواقيس المباهج

مريم في حضنها سرب القصائد والحجارة

أم ترتب غرفة الشهداء… تشعل روحها

وتقوم من زيت الرثاء

فتستحي من دمعها

طال الحصار.. فأحرقت في صمتها المنفى

وأوقدت السنين إلى البشارة

……….

ويستمر ألق الشعوب..  ألق الحياة.. فماذا تقول يا صاحبي؟!

■ محمد علي طه

 

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.