«بهجاتوس».. يهشمّ الموت.. ويمضي..

غيّب الموت في الأول من حزيران الجاري فنان الكاريكاتير المصري بهجت عثمان عن عمر يناهز السبعين عاماً بعد صراع مع المرض دام نحو ثلاثة أشهر...

يعتبر الفنان بهجت عثمان أحد أهم رسامي الكاريكاتير العرب، وهو أحد مؤسسي المدرسة المصرية الحديثة لهذا الفن..

ومن المعروف أن فنه الكاريكاتوري يتميز بسخريته المريرة ذات البعد السياسي.. ولم يكن يخفي آراءه اليسارية في مختلف المراحل التي عاصرها.. وقد عرَّت ريشته الساخرة اتفاقية «كامب ديفيد» وأصدر كتاباً أسماه: «ديكتاتورية للمبتدئين» و»جمهورية بهجاتوس العظمى» سخر من خلالهما بالرئيس المصري أنور السادات بعد توقيعه اتفاقية الذل مع الكيان الصهيوني.. إضافة إلى كتبه الأخرى مثل «رفاق السلاح» و»صداقة بلا حدود» و»الوصفة العجيبة وأخواتها» واتخذ موقفاً حازماً من المطبعين مع إسرائيل، ورفض دخول الجمعية المصرية لرسامي الكاريكاتير لأن مجلة الجمعية نشرت رسوماً للصهيوني «رعنان لوري».

وعبر شخصية «بهجاتوس» التي ابتكرها، انتقد بشدة الحكام الطغاة والأنظمة الديكتاتورية في العالم الثالث..

سبق للفنان عثمان أن أسس مع صلاح جاهين وجورج البهجوي المدرسة المصرية الحديثة للكاريكاتير عبر مؤسسة «روز اليوسف» حيث أثرت تلك المدرسة وبشكل كبير في تطور رؤية فن الكاريكاتير في المنطقة العربية.

وقبل أن ينتقل للعمل في جريدة «الأهالي» المصرية، عمل في «دار الهلال» وفي صحف ومجلات عربية عديدة.. وكان أحد أصدقاء الكاتب نجيب محفوظ الذين عرفوا بـ «الحرافيش»..

بهجت عثمان من مواليد حي (بولاق أبو العلا) الشعبي في القاهرة عام 1931، تخرج من كلية الفنون الجميلة بالقاهرة «قسم النحت» عام 1952 حيث عمل عامين بعد تخرجه في تدريس الأطفال إلى أن ارتبط بالصحافة مبكراً.. وتوقف في السنوات الأخيرة من حياته عن رسم الكاريكاتير واتجه إلى رسوم الأطفال وسوّغ ذلك بقوله:

»لأن ما يجري في الساحة على امتداد الوطن العربي كله يفوق قدرة أي فنان على رسم الصورة الكاريكاتيرية».. وأضاف موضحاً سبب توجهه لرسوم الأطفال: «لأنهم المُضَطَهدون والمحرومون من الحلم سواء في البيت أو المدرسة أو المجتمع»..

رحل «بهجاتوس» بعد أن حفر في الذاكرة مسارات تهشّم الموت والرتابة عبر خطوطه البسيطة المتداخلة في عفوية طفولية ترسم وتعري الأبهة الفارغة.. مطلقاً أفقاً رحباً لجمهورية المستقبل.. جمهورية الإنسان...

 

أغمض عينيه مطمئناً.. بعد أن أورثنا البسمة الساخرة لمواجهة اللامعقول!!.