دردشات حجة الوقعة
ألقى الأستاذ حسين العودات محاضرة قيمة متميزة في الندوة التي انعقدت بمناسبة عيد الصحفيين عن واقع الإعلام السوري وآفاقه، تطرق فيها إلى مختلف الجوانب التي تمس وضع الصحافة في سورية، وماتعانيه وإعلاميوها، من ضغوط وقيود تكبل حريتهم، على يد قانون المطبوعات، الذي قارنه بمثيله العثماني، اقتطف منها الفقرة التالية:
«في العهد العثماني، كانت صحيفة تصدر بعلم وخبر فقط، ولم يكن ممكنا ًإغلاقها إلا بقرار من المحكمة. وكان أول قانون عثماني صدر، في عهد السلطان عبد الحميد، الذي ابتدأ حكمه عام 1876»
وقبل أيام نشرت الصحف السورية الخبر التالي:
«أصدر رئيس مجلس الوزراء الدكتور محمد مصطفى ميرو، قراراً رقم (6061) تاريخ 11/7/2003، يقضي بإلغاء ترخيص صحيفة الدومري لمخالفتها المادة 22 من المرسوم التشريعي رقم 50 عام 2001 المتضمن عدم جواز توقف الصحيفة عن الصدور لمدة ثلاثة أشهر دون أسباب مبررة».
إنني أتساءل: هل تتوقف صحيفة ما عن الصدور، إذا لم يكن ثمة أسباب قاهرة اضطرتها إلى ذلك؟! أم أن الأسباب القاهرة لاتدخل ضمن المبررات؟! فيالها من حجة واهية مشرعنة وغرابة قانون المطبوعات السوري المجحف الجائر، بحق الصحف والصحفيين، المسلط على رقابهم كسيف ديموقليس، إنه أشبه بجواب الأعرابي الذي سأل الرسول العربي الكريم محمد:
■ ماالصراط المستقيم يا رسول الله. أجابه بما معناه:
● إنه طريق مثل حد السيف، فوق واد تستعر فيه نيران الجحيم، ومن يجتازه يدخل الجنة. فقال الأعرابي:
■ قل إذاً بأنه حجة الوقعة..!
ترى كم سنة تخلف قانون المطبوعات السوري الحديث الصادر في مطلع القرن الواحد والعشرين، عن مثيله قانون المطبوعات العثماني الصادر في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار، التطور الهائل الذي جرى على النطاق العالمي، منذئذ حتى الآن، في ميدان المجتمع المدني وحقوق الإنسان؟!
حقاً كما قال الأستاذ حسين العودات في محاضرته آنفة الذكر: «قانون العقوبات المدني في سورية، أرحم على الإعلاميين من قانون المطبوعات، لناحية العقوبات المرافقة للمخالفات..».
إن إلغاء ترخيص صحيفة «الدومري»، بقرار يستند إلى مثل هذه الحجة الواهية ـ رغم كونها مشرعنة ـ كشف عن الوجه المرعب لقانون المطبوعات السوري، في سابقته الجائرة هذه، وأثار دهشة واستغراب واستياء أغلب وأوسع الأوساط الثقافية في سورية والعالم العربي.
فحبذا لو أعيد النظر فيه، والتراجع عنه في هذه الظروف المعقدة لاحباً بالدومري بل دفاعاً عن حرية الصحافة وحرمتها. والعود أحمد.
■ عبدي يوسف عابد
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.