عرض «لعي» لحكيم مرزوقي .... المرزوقي كاتباً مرة أخرى

بعد ثلاثة تجارب سابقة مع «فرقة الرصيف» استقل حكيم المرزقي صاحب نصوص «عيشة»، «اسماعيل هاملت»، «وذاكرة الرماد» باسم  «فرقة مسرح الرصيف» ليخرج بعرضه الجديد «لعي»، وهو من تأليفه وإخراجه.. وقدمه على خشبة مسرح المركز الثقافي الفرنسي في البحصة

 

قدم المرزوقي في هذا العرض نفسه ككاتب متمكن من أدواته في جدل يقوم بين شخصيتين مثقفتين، على خشبة المسرح جدل يقوم، لا على «اللعي» فقط كما هو عنوان المسرحية، بل جدل، يناقش بأسلوب مسرحي الكثير من المفاهيم والأعراف والتقاليد، الاجتماعية السياسية، والفنية، وصولاً إلى شكل العلاقات الاجتماعية المركبة التي سادت خلال فترة طويلة من الزمن، استطاع من خلال هذا الجدل الذي قدم على لسان شخصيتين، هما شمسي السوري، المتصوف، والذي كان يعمل ممثلاً، قبل أن يسلك طريق التصوف، والشخصية الثانية هي الشاذلي التونسي والذي يعمل مراسلاً لإحدى الأقنية الفضائية، والذي يقتحم فضاء العزلة الوهمية لشمسي لينشب بينهما ذلك الصراع أو الجدل.

وإذا كان المرزوقي قد قدم نصاً على مستوىً عالٍ من التماسك، والترابط على شتى المستويات، من خلال شخصيتين واضحتي المعالم استطاع صاحب اسماعيل هاملت أن يقود المتلقي من خلالهما ومن خلال هذا الحوار المشتت أو العبثي -إن استطعنا القول- إلى الكثير من الأماكن والفضاءات من خلال هذا الفضاء العابق بالبخار وأشعار المتصوفة والأناشيد الدينية، وإلى أزمنة بعيدة ليقول ما يريد قوله. إلاّ أنه لم يستطع أن يرقى كمخرج إلى مستوى النص الذي قدمه هو نفسه تاركاً مساحات واسعة من النص دون أية حلول إخراجية واضحة، مع ممثلين دون هدف واضح، ظهرت إلى جانب ذلك بعض الحلول الإخراجية لمشاهد  كمشهد البداية والختام مبتذلة أو مفبركة. كما أن المشكلة الرئيسة تكمن في الممثلين اللذين لعبا الأدوار والذين يصغران الأعمار التقديرية للشخصية المكتوبة بما يزيد عن 20 عاماً، الأمر الذي إن تحقق لكان أدى إلى حصول قفزة في العرض على أكثر من صعيد.

بالرغم من كل ذلك فإن قوة النص، وتماسكه، استطاع أن يمسك بالمتلقي وجعله يسير وراء تتبع خط الحكاية وتركيبها وتطور الأحداث مما غطى على الكثير  من العيوب الإخراجية التي ظهرت في هذا العرض.