فرح بسيسو المرأة ليست سلعة للعرض
خلف كل الأدوار التي لعبتها في الكثير من المسلسلات، يوجد شخص قوي يعرف ما يريد تماماً، حساس تجاه كل ما يجري من حوله، إنسانة، بسيطة حقيقية وصريحة. شاركت في الكثير من الأعمال التلفزيونية التي تركت بصمة في مسيرة الدراما السورية، فكانت في الجوارح، وفي الزير سالم، كما كانت لها أدوار هامة في الأعمال المعاصرة التي تتناول مشاكل اجتماعية مؤثرة، كمسلسل أبيض أبيض وعرسان آخر زمن، لتنتقل بعد ذلك للعمل في التقديم مشاركة في برنامج «كلام نواعم».
فرح بسيسو، عن علاقتها مع المسرح، والتلفزيون وكيف ترى المرأة العربية التقيناها وكان هذا الحوار:
■ مذ تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية لم تعودي إلى خشبة المسرح فما هو السبب؟
■■ أعتقد اننا نعيش على هذا الكوكب وأعتقد أن أي صحفي يسأل هذا السؤال يعرف مسبقاً الجواب، لماذا يبتعد شخص درس المسرح لأربع سنوات عن المسرح ويتجه إلى التلفاز، الأمر لا يبدأ بالنصوص المقدمة، والوضع الثقافي السائد ولا ينتهي بالقدرات الإنتاجية، فبعد التخرج يتوقف الإنسان أمام مفترق طرق حقيقي، ولا أريد أن أضع اللوم على الوضع المسرحي السائد أو ما شابه بل هناك الكثير من اللوم الذي يقع عليّ، فقد سرقني التلفزيون.. وهذا خطأ مني، فالحقيقة عندما يبتعد الإنسان عن المسرح ولفترة طويلة، فإن أدوات الممثل تبدأ بالتراجع، بالنسبة لي شعرت بالخوف أول الأمر وحاولت أن أكذب على نفسي مراراُ وأقول ستكون لي تجربة قريباً، ولكن مع مرور الوقت كان خوفي يزداد، وازداد ابتعاداً عن المسرح.
الآن أشعر بأن هناك شيئاً ما ينقصني.. الآن اشعر بحنين إلى خشبة المسرح التي افتقدها مذ تخرجت، خاصة مع الكم الكبير من الذكريات التي ترتبط بمشروع تخرجي «مركب بلا صياد» مع أستاذي فايز قزق وغسان مسعود، والعلاقة المميزة التي كانت مع جميع أفراد دفعتي التي كانت كالعائلة بالنسبة لي لسنتين كاملتين. الآن أشعر بحنين لكل تلك الأيام، وأنا أتذكر ايام البروفات التي كانت تدوم ساعات طويلة، وذلك الشعور بعد تمام الانتهاء من الإعداد للعرض، والوقوف أمام تلك العيون المترقبة، ربما ستكون هناك تجربة مسرحية قريبة لي لكنني لا أريد أن أستعجل الأمور.
■ هل تستطيعين أن تجدي هذا الإحساس نفسه في التلفزيون؟
■■ لا، بل على العكس. فعلاقتي بالتلفزيون مركبة، لاأستطيع أن أشعر بذلك. فشروط العمل بالتلفزيون مختلفة كلياً، والاختلاف لا ينحصر، في أنه في المسرح نقف أمام جمهور حي وفي التلفزيون أمام الكاميرا، فحتى شكل الأداء يختلف جذرياً بين المسرح والتلفزيون، على المسرح هناك شخصية تحيا وتخلق من العدم، أما في التلفزيون فالأمر أكثر آلية ويعتمد أكثر على التقنية، وإن كنت أحاول أن أعيش التجربة بشكل جميل إلاّ أنني لا استطيع أن اصل إلى درجة المتعة ذاتها التي أعيشها على خشبة المسرح.
■ شاهدنا فرح بسيسو في الكثير من الأعمال بعد تخرجها مباشرة، إلاّ أنك بدأت تقلين في الفترة الأخيرة؟
■■ عندما يخرج المرء إلى ساحة العمل يحتاج إلى الكثير ليتعلمه، كما يحتاج المحيط الذي يعمل فيه إلى أن يكتشف ما لدى هذا الإنسان،ما هي مقدراته، ما هي أدواته، إلخ من هذه الأمور ومع الوقت، عندما تتم عملية الاكتشاف، يبدأ الإنسان بالتروي والتأمل، فيأخذ بالنظر إلى الأمور بعين أكثر خبرة وهذا لا يعني ألا يخطئ إلا أنه يبدأ بتأمل كل ما يعرض عليه ويفكر عدة مرات قبل أن يقبل بالإقدام على أي خطوة، خاصة عندمايؤدي الممثل دوراً هاماً سيصعب عليه حتماً أن يقدم دوراً أقل منه مستوى، وأنا لا أتحدث هنا عن الكم.. بالإضافة إلى كل ذلك هناك أجيال أخرى من الممثلين والممثلات الموهوبين الذي يأتون وعليهم أن يكتشفوا هذا المحيط، ويتلمس المحيط إمكانياتهم ومقدراتهم.
■ بعد تجربتك في التمثيل انتقلت إلى تجربة في التقديم فما هو رأيك في تجربتك في هذا المجال؟
■■ كلام نواعم، ليس برنامجاً عادياً، إنه برنامج يقول.. ويقول الكثير، بدءاً من شكل التقديم، وآلية الإعداد وصولاً إلى المادة المقدمة، مما يقولونه امام الفوضى المقدمة على الشاشات، هو أن المرأة ليست سلعة، وليست فقط جسداً، المرأة هي مخلوق له وجوده وله كيانه يستطيع ان يقول، له آراؤه في كل ما يجري من حوله، ليست المرأة للعرض، وأعتقد أن واقع المرأة العربية يحتاج إلى هذا النوع من البرامج، الذي يقوي ثقتها بنفسها، ويعطيها دفعاً معنوياً، كما أنه يساعد على توضيح صورة المرأة العربية في الخارج، تجربتي في هذا البرنامج كانت تجربة جميلة استطعت فيها أن أستفيد من خلال مشاهدتي لكم كبير من التجارب والالتقاء بالكثير من الأشخاص الهامين والعاملين في شتى المجالات منها السياسية، ومنها الفنية والأدبية، وغيرها من المجالات.
■ كيف ترين المرأة الفلسطينية في الإعلام العربي؟
■■ لا أعرف ماذا أقول عن المرأة الفلسطينية، ماذا أستطيع أن أضيف، فقط كوني فلسطينية، لا يعطيني الحق في أن أتحدث بهذا الشكل، أرى أن القضية هي ملك للجميع وليست ملكاً لشخص معين، وأعتقد في كثير من الأحيان أن هناك أشخاصاً من الشعوب في الغرب تهمهم القضية أكثر من العرب، فمن أنا لأضيف وأتكلم عن المرأة الفلسطينية، إنها أكبر بكثير.. من الأسئلة.