ماذا تقول ياصاحبي؟! الانتماء والانسلاخ

■ سنة سعيدة جديدة.. كل عام وأنت بخير «ينعاد» عليك بالصحة والسرور.

■■ وأنت بخير وعافية.. أتدري أن هذه العبارة ـ كل عام وأنتم بخير ـ تتوج عادة شريطاً من الذكريات يمر أمام عين الخيال بكل ما فيه من حلو ومر... من مبهج ومحزن محركاً في الوقت نفسه عواطف متباينة تباين الذكريات، والحصيلة تبقى تطلعاً إلى الغد بتفاؤل وثقة أو بألم ويأس أو بحذر وتردد.

■ نعم هذا صحيح ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون  ـ لا مبالاة ـ  لأن الإنسان أولاً وقبل كل شيء، مفعم بالحس والشعور.. بالعاطفة، وهذه تتحول إلى رغبة تدفعه إلى أن يمارس دوره ـ عمله ـ في ميدان العيش والحياة.

■■ وأفضل ما يقوم به الإنسان ـ برأيي هو عمله وتأكيد انتمائه إلى شعبه كواحد من مجموع... من كل.. وأسوأ ما يقوم به هو انسلاخه عن المجموع واندفاعه ـ منفرداً ـ في مواجهة ما يعترضه كفرد في واقع حافل بالمشكلات والمصاعب.

■ ومن قال: إنه في اندفاعه فردياً ينسلخ عن المجتمع؟!! إنه في الواقع ينقض على المجتمع مقتنصاً ـ الفرص ـ على حساب الآخرين.. والدليل هو تجاوزه واعتداؤه على حقوق غيره من أبناء شعبه.

■■ وكيف ذلك؟! أريد توضيح الأمر أكثر!

■ الأمر جلي وواضح، ولنأخذ مثالاً واحداً من واقع الحال: رجل يعمل براتب محدد ومعروف.. خلال سنوات ـ معدودة ـ يصبح صاحب مزارع  وأطيان وقصور وأرصدة وأزلام..!

■■ أتقصد من يستغل وظيفته ويعب ما يستطيع وما يقدر عليه دون وجه حق أو استحقاق؟

■ تماماً وهذا مثال، وقس على ذلك المنوال في كل مجالات الواقع.. سمسرة.. احتيال.. شفط ونهب.. دونما إحساس بأوضاع الآخرين وحالهم ومعاناتهم.. فقط إحساس التملك والجشع والاقتناص البعيد كل البعد  عن إحساس الإنسان المرتبط بأهله... بناسه.. بمجتمعه... إحساس الإنسان بأخيه الإنسان والذي عبر عنه وقبل ألف وخمسمائة سنة الشاعر عروة بن الورد بقوله:

أتهزأ مني أن سمنتَ وأن ترى      بجسمي هزال الحق والحق جاهد

لأني امرؤ عاف إنائي شركة                    وأنت امرؤ عاف إناءك واحد

أقسّم جسمي في جسوم كثيرة                   وأحسو قراح الماء والماء بارد

وكذلك المعري وهو يقول:

فلا هطلت علي ولا بأرضي                      سحائب ليس تنتظم البلادا

فماذا تقول يا صاحبي؟!!

■ محمد علي طه

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.