جائزة نوبل أدب عنصري ... وسلام نووي

 في بداية تشرين الأول من كل عام تبدأ التوقعات والتكهنات حول الأسماء والشخصيات التي يمكن أن تحصل على جوائز نوبل وخاصة جائزتي الآداب والسلام، وهذه الجائزة التي أصبح عمرها أكثر من مئة عام بقليل، تعتبر أعلى مرتبة من الثناء والإطراء في العالم، إضافة إلى عشرة ملايين كرونر سويدي، أي ما يعادل مليون دولار تقريباً. ولكن في السنوات الأخيرة بدأ الحديث عن المعايير الملتبسة للأكاديمية السويدية في الترشيح والاختيار لنيل الجائزة، وقد بات مؤكداً لدى الكثيرين بأن جائزة نوبل «مُسيّسة» وأن أعضاء الأكاديمية السويدية تحكمهم اعتبارات وميول سياسية وعنصرية في الاختيار.

جائزة نوبل .. الوجه العنصري

  ارتسم الوجه العنصري على الجائزة في مرات عديدة فقد منحت الجائزة للمجري اليهودي «أيمري كيرتيش» وكيرتيش يكاد يكون مجهولاً كأديب حتى في الأوساط الثقافية المجرية، وكيرتيش ردّ بدوره الجميل، فقد أعلن في تصريحات خاصة لوكالة «الأسو شيتدبرس الإخبارية»  أنه كان مسروراً من مشاهدة الدبابات الإسرائيلية وهي تدخل رام الله.

  وفي عام 2001 منحت الجائزة للكاتب الترايندادي الأصل «في. أس. نايبول»  والمعروف بعنصريته ومعاداته للإسلام وازدرائه للأديان، حتى أنه وصف الحضارة الإسلامية بأنها حضارة استعمارية، واتهم الإسلام بأنه دين عنصري.

  كذلك الشاعر الإنجليزي «كيلينخ»  المعروف بميوله العنصرية وآرائه الشاذة، والقائل بأن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا أبداً.. فقد حصل على الجائزة وكأنه يكافأ على عنصريته.

  أما الأديب النرويجي «هنيريك أبسن» فقد تخطته اللجنة بدعوى أنه أحد أبناء الأمة الأسكندنافية، ثم عادت اللجنة نفسها وأعلنت منح الجائزة بعد عام واحد فقط لـ «بهرلتسون» وهو أحد أبناء الأمة الأسكندنافية، علماً أن الجائزة تجاهلت الكثير من الذين يستحقونها وفي مقدمتهم الكاتب الروسي الكبير «ليو توليستوي».

جائزة… وموقف

  بعد تكرار الأكاديمية السويدية لأخطائها وإصرارها على تسييس جائزة نوبل وجعل العنصرية أحد سماتها، بدأ الكتاب والمفكرون الانتباه إلى ذلك، ففضلوا الحفاظ على مبادئهم وقيمهم وكرامتهم بدلاً من أن ترتبط أسمائهم بهذه الجائزة التي كانت براقة بنظر الكثيرين، ففي عام 1964 رفض جان بول سارتر جائزة نوبل في الأدب. كما كشف «شل أبسمارك» عضو الأكاديمية السويدية عن رفض الكاتب المصري «يوسف ادريس»  صفقة يتم من خلالها فوزه بنوبل، شريطة أن يتقاسم الجائزة مع كاتب إسرائيلي، إلا أن إدريس قال: «انه لا يريد صورة جديدة من اتفاق ( بيجن ـ السادات)» وانتهى الأمر بعدم منحه الجائزة، ومن المعروف أن مناحيم بيجن فاز بجائزة نوبل للسلام لعام 1978 مناصفة مع أنور السادات رئيس جمهورية مصر في حينه، كنوع من المكافأة على الاتفاقية التي أبرمت بين الطرفين، حيث أعلن الكاتب الكولومبي الكبير غابريل غارسيا ماركيز والحائز على جائزة نوبل للآداب وفي مقال نشرت " الرأي " الأردنية ترجمة له، على أن حصول مناحيم بيجن على جائزة نوبل للسلام تكريماً لجرائمه أحدى عجائب الدنيا، وكانت غطاء لبيجن لقتل ما يقارب 2000 من اللاجئين الفلسطينيين في بيروت في عام 1982، حيث فتحت جائزة نوبل في السلام الطريق على مصراعية لقطع خطوات متزايدة نحو إبادة الشعب الفلسطيني، كما أدت إلى بناء آلاف المستوطنات على الأراضي الفلسطينية المغتصبة، والتي ترتكبها يومياً المدرسة الصهيونية الحديثة على يد ناظرها اريئيل شارون، وقال ماركيز في المقال نفسه: «أنا أطالب بترشيح اريئيل شارون لجائزة نوبل في القتل، سامحوني إذا قلت أيضاً إنني أخجل من ارتباط اسمي بجائزة نوبل. أنا أعلن عن إعجابي غير المحدود ببطولة الشعب الفلسطيني الذي يقاوم الأبادة…» .

  أما نوبل للسلام هذا العام فقد ذهبت للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيسها محمد البرادعي لدورهما في مكافحة الانتشار النووي، وقد اختارت الأكاديمية السويدية الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنحها جائزة نوبل للسلام من بين   /199/ مرشح في لائحة المنظمات والأطراف التي يمكن أن تمنح هذه الجائزة هذه السنة وهو رقم قياسي في تاريخ نوبل، وعلى ما يبدو أن هذا الاختيار مستوحى من المناخ الدولي (الملف النووي الإيراني، وكوريا الشمالية)، حيث كان من بين المرشحين الأوفر حظاً جمعية (نيهون هيدانكو) اليابانية، هذه الجمعية والتي تمثل عملياً الناجين اليابانيين من القنبلتين الأميركيتين اللتين ألقيتا على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في عام 1945، وهنا يأتي السؤال، كيف أن الأكاديمية استطاعت نصرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولم تستطيع أن تنصر ضحايا القنبلتين النوويتين الأميركيتين بعد مضي /60/ عاماً على إلقائهما، أن هذا الاختيار هو إرضاء لأميركا وإلا كانت ستجد نفسها في قفص الاتهام فيما لو منحت للناجين من قنابلها، فأي معايير تسترشد بها الأكاديمية السويدية، ( وأي وكالة، وأي برادعي، وأي نوبل ) ستمنع انتشار الأسلحة النووية أمام مواصلة تجاهل الملف النووي الإسرائيلي، وبعد أن زار البرادعي إسرائيل ولم ير مفاعل ديمونة أو أي شيء يستحق الذكر.   

  هذه هي جائزة نوبل بصورتها بوجهها العنصري وقفاها السياسي تكشف عن صورتها الحقيقية، وخير من عبر عن هذه الجائزة الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم في قصيدة له اسمها (جائزة نوبل) يقول فيها:

  لما محانم جيبن يا دخ، زايجة لوبن، يعنى مناحم بيجن، ياخد جايزة نوبل، تبقى النوديا، يعنى الدنيا، ماشيه بتحدف بالمندار، يبقى الشهر اتناشر ساعه، يبقي اليوم ليلتين ونهار، يبقى القاتل شخص ضحية، والمقتول مجرم جبار، شفتوا إزاى؟ أما صحيح الطب اتقدم، وحنا ما وصلتناش أخبار، أيوه يالجنة لوبن بيه، قاعدة ازاى بتلجنى إيه، أنا مش فاهم حاجه صراحه، لما القاتل يا خد جايزه، كده من دون تلبيخ وأباحه، يبقي يا إما اللجنه دى بايظه، أو لا مؤاخذه، رئيسها حمار.

 

■  عمار حسين عجلان