سفاسف كتّاب الدراما السورية
عرضت فضائية الدنيا الخاصة على هامش الأعمال الدرامية الرمضانية، بهدف ملء ساعات البث في العيد بمادة غنية، جلسة حوارية مع عدد من كتاب الدراما السورية وهم: فؤاد حميرة ـ يم مشهدي ـ أحمد حامد ـ هاني السعدي.. حيث تناولوا في هذا الحوار وفق وجهة نظر كل منهم ـ التي تتفق في الخطوط العريضة وتختلف في بعض التفاصيل ـ الدراما السورية في تطوراتها الحالية، وموقف الصحافة من الدراما، ودور الكاتب في العمل الدرامي..
قد لا تستوقف المشاهد الكثير من تفاصيل الحوار المختلطة والمتشابكة إلى درجة الضياع، بحكم ضعف الإعداد إلى درجة الانعدام، وتركيز الكتّاب على تفاصيل معينة دون غيرها وتكرارها عدة مرات، والبعض منهم استغل الحوار للحديث عن منجزه الدرامي وأهمية اسمه على الخارطة الدرامية السورية إلى درجة استهجان وجود الزميل الآخر في هذا الحوار بشكل غير مباشر.
ركّز هاني السعدي بحكم كونه «عراب» الجلسة، وفقاً لمفهوم أنه الأقدم والأشهر، على قضية خلاف الكاتب مع المخرج، بسبب سوء تصرف المخرج بالنص، وتجرئه على تغيير الكثير من التفاصيل والحوارات التي وضعها الكاتب، وهنا قد نجد الموضوع يستحق الوقوف عنده، ولكن ليس في وجه المخرج ولا في وجه الكاتب، وإنما في وجه الاثنين معاً، وهنا لا نقصد جميع الكتاب ولا جميع المخرجين، إنما الأغلبية بمن فيهم المتحدّث، فبالفعل ليس للمخرج أحقية التدخل بالنص دون أخذ إذن الكاتب على اعتبار أن لهذا النص ملكية فكرية قد لا تقتضيها العقود والأوراق وإنما تقتضيها أخلاق التعامل المهني مع النصوص المكتوبة، واحترام المخرج للكاتب ومنتجه، ولكن الحقيقة والواقع تقودنا للقول بأن المخرج في هذه الحالة لم يرتكب ذنباً كبيراً، ولم يمارس سلطة الجزار على فريسة مميزة. حين ندرس هذا النص لن نجده، على الأغلب يحقق هذا الكمال الفني والدرامي، فهو في النهاية ليس نص وسيناريو آلان باركر ولا رواية ميلان كونديرا، وإنما هو بضاعة استهلاكية، في غالب الأحيان، لن يطرأ عليها تغيير منهجي إذا دخلتها بعض المنكهات بل قد ترفع هذه التغييرات من سويتها، وإذا كانت رؤية الكاتب أن تدخل المخرج في نصه هو تدخل سافر، فهذا يعود إلى أنه «آكل مقلب بحالو» ويعتقد أن نصه منزّل وأن أي طارئ عليه قد يلغي من هوية انتمائه إلى أنامل الكاتب، أو أن الجمهور سوف يلاحظ أنه من المستحيل أن يكتب هذا الكاتب تلك الجملة، لأنه ذو مستوى أرفع وأرقى.
يظن بعض الكتاب الدراميين أن تاريخهم الكتابي بالفعل عريق وأن ذاكرة الجمهور لا يمكن أن تمحوه، وبالتالي فإن أي منتج لهم، هو مؤثر بالضرورة، وهو ذو قدسية في التعامل الفني معه، مهملين قضية أن تدخل المخرج قد يغطي تلك العيوب الفاضحة في نصوصهم، أو قد يعطي لحوار ما معنى معيناً، يخرجه من طبيعته السطحية، وزيفه الأدبي.
من المؤسف جداً أن نسمي نصاً ما بضاعة استهلاكية إلا أن بعض الأعمال الدرامية أثبتت بجدارة أن نصوصها «بطاطا»، لذا لا عيب إن لعب المخرج دوراً ما في تنكيهها أو قليها بشكل يعطيها طعماً مستساغاً لدى الجمهور، أو يخفف من أثرها السرطاني على الذائقة العامة.
وفي المقابل لا بد أن نذكر أن بعض النصوص، وهي قليلة، من المستحسن أن يلعب الإخراج فيها دور الصياغة الفنية وتحويل الكلام إلى صورة حياتية، على اعتبار أنها نصوص تستحق بالفعل الإحترام والتعامل معها على أنها منتج أدبي وفني راقي.
أما أحمد حامد فيطالب بمقاضاة الصحافة التي تشتم كاتباً درامياً ما، وكأن صحافتنا على قدر من الموضوعية كي تشتم بعض كتاب الدراما، ثم هل من أحد قرأ شتيمة ضد كاتب معين؟! وما هو بالأساس مفهوم الشتيمة؟ هل هو النقد الموضوعي، أم الانتقاد المجاني؟! وفي الحالتين، هل يقوم الصحفي بمهاجمة تيار فكري أو أدبي عندما يتعرض لأحد الكتاب بالنقد، أم أنه من منظور حامد يجب أن تبقى الصحافة تجميلية توثيقية محابية شمولية زائفة.
لقد وجد حامد من بين زملائه في الحوار من يرد عليه، ويحاول ثنيه عن مواقفه ضد الصحافة، ليعيده إلى صلب حديثه عن أعماله الدرامية المؤثرة وفق منظوره وهي ثلاثة.. إلا أنها فجأة بدت أربعة عندما ذكرها واستمرت بالتزايد بالتقادم مع اقتراب نهاية الحلقة الحوارية الجريئة.