فيروز تصرخ مع المعتصمين.. فتجرح أذني «الوالي»!
ملاحظة: تم تقديم العرض الأول (الجديد) منمسرحية «صح النوم» يوم الجمعة 1/12/2006 حيث تزامن عرضها مع أول يوم لتظاهرة المعارضة اللبنانية.
جاءت فيروز إلى الموعد... امتلأت قاعة الـ «بيال». وحدثت الأعجوبة. في الخارج ما زال قلب بيروت يرجّع صدى الهتافات. المعتصمون يواصلون اعتصامهم، والجميع يحاول استيعاب ما جرى في هذا النهار التاريخي. وحتى اللحظات الأخيرة، لم يصدق الجمهور أن فيروز ستقف على خشبة المسرح، فإذا بها تصير قرنفل، تتقمّص شخصية أنتيغونا الرحبانية التي تمرّدت على الحاكم (أنطوان كرباج) الجشع، المستخف بعباده، المستأثر بالسلطة... الذي ينام طوال الشهر، ولا يصحو سوى مرة لختم المعاملات (التفاصيل).
وإذا كان المسرح الرحباني حافلاً بالأعاجيب، فإن الأعجوبة الأولى أن أوبريت «صحّ النوم» التي أعاد زياد الرحباني إحياءها، نافضاً عنها غبار الزمن، تمكنت أخيراً من لقاء جمهورها. لكن الأعجوبة الثانية أن المسرحية التي تعود الى عام 1970 بدت راهنة بشكل مدهش! تركة عاصي ومنصور التي تبدو ساذجة وفولكلورية، لا يعرف المرء متى تنفجر بين يديه؟؟... وها هي تأتي صدىً مدهشاً للراهن السياسي. فيروز التي طالما جمعت اللبنانيين في عرزالها المسحور، شاءت لها المصادفات أن تكون لسان حالهم مساء الاعتصام. في شخصية قرنفل وفستانها «البرتقالي» (!)، ومظلتها البرتقالية التي ترمز إلى سقف بيتها الذي تهدّم ولا تستطيع بناءه، رفعت صوتها الذي «يجرّح أذني الوالي»، كأنها تهتف مع المعتصمين على مقربة منا: «يا سيد الولاية... فلّيت وتركتنا».
المسرحية التي تتضمّن بعض أجمل الألحان (والقصائد) الرحبانية، تحكي عن الفساد، عن انقطاع الحاكم عن الناس، وسوء استعماله للسلطة، واحتقاره لحرية التعبير. لكن قرنفل تسرق الختم السحري وتعيد إلى الأهالي شيئاً من حقوقهم المسلوبة...
صفق الجمهور طويلاً لكل التعليقات السياسية التي بدت ضد الحكومة الحالية. لكنّه صفق أيضاً (رغم الـ «بلاي باك») لعمل فني حافظ مع السنوات على كل نضارته. عمل يختزن كل عبقرية المدرسة الرحبانية، وكل كليشيهاتها وسذاجتها أيضاً.