مهرجان الأغنية الفراتية الثاني لإحياء التراث ما لَهُ .. وما عليه؟!
تتسارع النشاطات الثقافية في دير الزور.. نتيجة الانفتاح على الآخرين وقد جاء مهرجان الأغنية حاملاً أماني وطموحات كثيرة.. ولا يخلو من إخفاقات.. فمن يعمل يخطئ ومن لا يعمل لا يخطئ!! لكن المهم تجاوز العثرات لاحقاً.. ولا بد من «التأكيد» أن «التراث» من صنع الشعب عبر أجيال متعاقبة.. وهو ملكه فلا يجوز لأي كان تغييره، لكن أن تقدم جديداً.. متطوراً فهذا يستحق التقدير، وإذ نثمن الجهود المبذولة من فرقة الفرات الموسيقية والتي تعمل ضمن إمكانات محدودة، حقّنا عليهم كمتلقين... أن ننوه للعثرات حتى لا تذهب الجهود «سدى» فهناك ملاحظات منهجية.. وأخرى فنية..
● الملاحظات المنهجية:
1 ـ عندما نسمع بكلمة «مهرجان» يتبادر إلى ذهننا العمل الشامل المتنوع الجماعي.. يسمح لمن لديه الخبرة والقدرة بالإدلاء بدلوه، لكن ما حصل أن هناك مبدعين.. وأكاديميين.. ومهتمين بالتراث لم تجر استشارتهم ولم يدعوا للمشاركة؟ وبقي العمل محصوراً وضيقاً؟؟
2 ـ حصر تسمية المهرجان بـ«الأغنية» استبعد كثيراً من ألوان الغناء كالعتابا.. والويلي والقصيد.. والحداء.. والهوسات، وهذه الأشكال مهددة بالإنقراض أمام أشكال الغناء المعاصرة القائمة على الصورة والإيقاع مع غياب اللحن.. والصوت. وهذا يتناقض مع تكملة اسم المهرجان (لإحياء التراث) لذا نقترح أن تكون ألوان الغناء الشاملة.
3 ـ من أهداف المهرجان إحياء التراث (حسب) بطاقة التعريف به (البروشور) وهذا تحقق جزئياً بتقديم الأغاني؟ وحبذا لو تم التعريف والتقديم للأغنية بمعلومات عن مقامها.. وإيقاعها وطريقة أدائها.. ونشأتها لساهمنا في رفع ثقافة المستمعين وذائقتهم موسيقياً، فما قدم كان حفلاً غنائياً.. على مدى يومين؟؟
4 ـ حصر التراث المقدم بالمدينة علماً أن الريف غنيٌّ به وخاصة غناء الحصاد والعمل بأنواعه بالإضافة للأعراس.. وجلسات السمر الريفية.
تكرار الأغاني في اليوم الثاني
● الملاحظات الفنية:
1 ـ الغناء الفراتي يتميز بالإيقاع الهادئ.. المتناسب مع نمط الحياة.. والبيئة فينساب كما ينساب الفرات.. ويمتد بفضاءات واسعة كاتساع البادية، لكن ما قدم بعيد جداَ.
2 ـ الغناء الفراتي التراثي كان يؤدي «بجوار» جماعي أو فردي بحسب اللون المغنى.. ووقت غنائه «فالموليا» مثلاً تغنى أثناء (فتل الشعيرية) أي صنعها، ومع جلسات السمر.. وليس مع الدبكات.. وهذا ما افتقدناه في المهرجان.
3 ـ الإيقاع والموسيقى طغياً على صوت الفرقة مما حرمنا من الاستمتاع بأصواتهم وكلمات الأغاني.
4 ـ غياب الآلات التراثية كالدف والشاخول والرباب وسيطرة الآلات الحديثة وخاصة الأورغ!؟
5 ـ الخلط والالتباس في أداء أغنية اللالابطريقة «العامل» فلكل واحدة طريقة رغم المقام المشترك.
6 ـ اللون العراقي في الموال والأغنية التي أديت على مقام «اللامي» العراقي.
ولا بد أن نشيد بالجهود المبذولة.. والملاحظات لا تنتقص منها وكانت هناك نقاط متميزة:
1 ـ تقديم الفنان جمال دوير لابنته «ربا» كمطربة وهي العنصر النسائي الوحيد!!
2 ـ تميز الفنان أمين ياسين بقدرته الصوتية في أداء «الفراقيات» والموليا رغم انقطاع جهاز الصوت عنه.
3 ـ تميز الفنان اسكندر عبيد بأداء أغنية «يا خشوف» بلحنها الحقيقي.
4 ـ تميز الفنان يحيى عبد الجبار في العزف على الناي وهو قائد الفرقة.
كل الشكر لفرقة الفرات الموسيقية.. ونتمنى أن تقدم لنا تراثنا كما هو عبر تقديم الدعم المادي.. والفني.. والمعنوي لها.