ذكرى يوم الأرض.. والتخاذل الإعلامي

هبت الجماهير الفلسطينية، والعربية في مختلف الدول العربية في 30 / آذار 1976 بمظاهرات هائجة تعبر عن سخطها بسبب سياسية إسرائيل العنصرية التي تمارسها ضد أبناء فلسطين في أراضي الـ48 الذين تخلت عنهم معظم الحكومات العربية عبر نسيان وجودهم.

جاء «يوم الأرض» صرخة احتجاج قوية من الجماهير العربية وفلسطيني الشتات للتعبير عن تضامنهم مع أهلهم في الداخل المحتل، مؤكدين في الوقت ذاته حقهم في العودة إلى أراضيهم التي شردوا منها قسرا، ورفضهم القوي لتجاهل السياسات العربية للمسلسل الصهيوني المتكرر بمصادرة الأراضي الفلسطينية. الصراع قائم وسياسة اقتلاع ومصادرة الأراضي لم تطل أراضي الـ48 وحسب، بل استمرت في قضم بقية الأراضي في الضفة الغربية وفي القطاع، و«إسرائيل» مازالت تعمل وفق منظور مستقبلها السياسي بمصادرة أكبر مساحة ممكنة من الأرض مدعومة بقوى الغرب، وأمريكا التي تربطها بإسرائيل مصالح مشتركة وأساسية، تهدف إلى تفتيت الوطن العربي والإجهاز على ثرواته، ومسلسل الاغتصاب والاحتلال يمتد من فلسطين على حساب شطب حق خمسة ملايين لاجئ ليمتد شرقاً وغرباً..

وبدلاً من إعادة النظر في التقصير العربي تجاه القضية الفلسطينية يسعى العرب بمبادرات متلاحقة للبحث عن تسويات سطحية لقضية الصراع العربي الإسرائيلي، كان آخرها «إحياء» مبادرة السلام العربية في مؤتمر القمة الحادي والعشرين الذي صادف ذكرى يوم الأرض.. وقد تجاهلت الكثير من المحطات الإخبارية المتخصصة برصد الواقع والحدث السياسي في كل مكان، تجاهلت مظاهرات الفلسطينيين في أراضي الـ48 في ذكرى يوم الأرض والذي يتجمع لإحيائه سنوياً الآلاف من فلسطيني الـ48 في قرية أم الفحم، حيث تعقد فيها المهرجانات الخطابية والشعرية للتذكير بمعنى الصمود..

 ترى لماذا تجاهلت الفضائيات العربية هذه الذكرى؟ لماذا تجاهل الإعلام المرئي رصد المظاهرات في الجليل الفلسطيني وركز على إحياء ذكرى يوم الأرض في قرى الضفة والقطاع فقط ؟؟ هل يسعى الإعلام العربي المرئي عبر هذا التجاهل للتناغم مع سياسات حكوماته العربية «المهيأة» للسلام؟؟

فبدلاً من أن تحول الفضائيات العربية الإخبارية موضوع ذكرى الأرض لمادة فيلمية تنشّط الذاكرة وتعمق الإحساس بالظلم والنكران للحقوق، تراها تتماهى مع مقررات ومبادرات القمم العربية، وتتجاهل بنشراتها الإخبارية الذكرى البطولية، أو تتعامل معها كخبر روتيني عادي.. وبكثير من الخجل..

 هو تساؤل مشروع نطرحه على مبدعي الإعداد الإخباري.. هل من إيعاز رسمي بالتوغل في سياسة النسيان التي يمارسها الحكام العرب بحق شعوبهم رغبة بمجاملة كل من أمريكا و«إسرائيل»؟؟ هل المجاملة أعطتهم حق التصرف بحقوق الشعب الفلسطيني غيابيا؟ ومن أوحى للمبادرين العرب أن الفلسطينيين ملوا النضال؟؟؟؟....

إن شاءت الفضائيات رصد الواقع الحقيقي للفلسطينيين بمصداقية، فعليها عدم التعامي عن أولئك الذين مازالوا يؤكدون على صمودهم وبقائهم ليس فقط في أراضي الـ67 بل في عموم الأراضي الفلسطينية.. يرفعون الأعلام الفلسطينية.. وينشدون أشعار توفيق زياد:

 «هنا على صدوركم باقون.. نجوع نعرى نتحدى... ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات... ونملأ السجون كبرياء... ونصنع الأطفال جيلا ثائرا وراء جيل... كأننا عشرون مستحيل، في اللد والرملة والجليل.. إنا هنا باقون... فلتشربوا البحر... نحرس ظل التين والزيتون.. إذا عطشنا نعصر الصخرا.. ونأكل التراب إن جعنا ولا نرحل.. وبالدم الزكي لا نبخل، لا نبخل....... هنا لنا ماض وحاضر ومستقبل.. كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل..... يا جذرنا الحي تشبث، واضربي في القاع يا أصول.

آخر تعديل على السبت, 12 تشرين2/نوفمبر 2016 10:59