(ديمقراطية نحيلة)
● لست من المفتونين (بالديمقراطية المجردة) خاصة بعدما شاهدت أنيابها الحداد في العراق ولبنان وفلسطين وأفغانستان، وأعتقد أن المشهد الديمقراطي العالمي مأزوم (في مقرّه) فكيف في (ممره): والأرجح أن البشرية تحتاج إلى (ثورة ديمقراطية) للتخلص من هذه (الديمقراطية) التي أكلت نفسها وأولادها.. وها هي الآن تأكل (ثلوج القطبين مهددةَ بإغراق الأرض).
● .. هذه مقدمة لابد منها (كرأي في ديمقراطية هذا العصر التي شاخت وهرمت) مثل سيقان بريجيت باردو (ولم يعد يفيد معها لا الشد ولا التمليس أو التدليك وتوابعه.. ولكن..
● .. نصل (إلى ديمقراطيتنا) النحيلة التي تطل علينا كل أربع سنوات. نصحو صباحاً على صور (المرشحين) المبتسمين على أعمدة الكهرباء وألواح الكرتون وسيارات المروجين والوكلاء واللوحات الإعلانية التي يعتبر أصحابها الرابح الأكبر من هذا (الاستثمار الديمقراطي).. يعني على الأقل أنا المواطن السوري الوحيد الذي لا يملك (ذرة من الوهم حول هذه الديمقراطية الربعية)!
● .. ولإزالة الالتباس حول (ذرة الوهم) فإن الصورة والأسماء الذين تحتها تتكفل بذلك، وخذوا هذه المعترضة.. (قام قاضي عادل شريف القلب واليد واللسان بمنع ترشيح المواطن المحترم د. قدري جميل بجناية نقص ختم على إحدى أوراقه الانتخابية، ورغم تدارك الأمر (قانونياً) إلا أن (الأمر النافذ حصل ومنع قدري من الترشيح).. ثمّ انتشرت الصور واللافتات.. ألف.. وباء.. ومستقلون (الجبهة لم تظهر بعد).. ويتم الآن إعداد العصير وسندويشات الفلافل (بعضهم سيقدم شاورما وعلب السمنة) وقد ( نتع ميناً عظيماً بألاّ تكون مغشوشة هذه المرّة).. وتم الاتصال (بشركات الاستثمار الانتخابي) لتوقيع عقود تتراوح بين 15 _ 30 مليون ليرة لتأمين الوكلاء.. وكل وكيل عليه تأمين 20 صوتاً لضمان نجاح المرشح.. والجامعات الآن (قائمة قاعدة) لتأمين الكادر... ثمّ.. صدرت النتائج _ أقصد في 25/4/2007 وإليكموها:
● فازت قوائم الجبهة في جميع المحافظات 130 أو 150 (فائزاً).. وفائز.. ليست اسم علم، فليس كل أعضاء الجبهة اسمهم (فائز)، بل شخصهم فائز!! بصراحة لا أعرف عددهم وقد اتصل بي أحد الأصدقاء ليدلني على الرقم الصحيح فهددته بقطع العلاقات معه (نهائياً) لأنني أحب (جهلي بهم).
● ثم فاز المستقلون:
اثنان أو ثلاثة أو أربعة على الأكثر نعرفهم فقط.. وستين أو سبعين على الأقل (نهوى) التعرف عليهم لنسألهم هذا السؤال:
(أيها الأثرياء الأعزاء الخيّرون المصطفائون الذين لا تتهربون من ضريبة ولا تغسلون دولاراً واحداً ولا تتحايلون على الجمرك.. ولا.. ولا.. ولا.. ولن نفاجأ بأحدكم (ذات يوم.. يخطب بنا عن الديمقراطية الأمريكية القادمة).. يا روحي.. من أين أتيتم بأموالكم؟ وـأموالكم التي نقصدها فقط ما يزيد منها على الخمسين مليارـ ليس لنحاسبكم والعياذ بالله.. فنحن أولاً لا نقدر (ولن يقدرنا الله في المدى المنظور).. ولكن فقط كي نتدبّر أمر خبز أولادنا الذي نهلك ولا نحصّله إلا بشق النّفس.. وهنا نأتي إلى النسب:
(سوف يحصل الأثرياء الرائعون) الذين نحسدهم لضيق عيوننا وصدورنا.. وقلّة رغبتنا بزيادة (خيرهم _ خير) على ما لا يقل عن 30% إلى 40% إلى 60% من مقاعد المستقلين وهذه لا علاقة لها (بحساب باقي فئات الشعب) فأنتم (الفئات والباقي منها) وكل خوفنا أن تصيروا ذات يوم الشعب فتنتخبون أنفسكم وتنتهي الحكاية.
● نعود إلى عملية الحساب.. وقد استقر رأينا على 60% من المقاعد.. وهنا سأمسك بمطرقة رئيس المجلس وأوجه كلامي إلى الشعب غاضباً.. نعم غاضباً:
● ترى لماذا هذا الحديث البائس عن البطالة والفساد والغلاء.. فإن نسبة الأثرياء في البلد تداني 60% أي أن بلدناـ ولله الحمد_ يحوي على ما لا يقل عن (12) مليون مليونير.. فمن أين تأتون بهذه الشكاوى عن أنواع البطالة والغلاء والحاجة... (الماسة أيضاًـ اسكتوا وإذا كنتم لا تصوتون فهذه النسب! ثم أقرع المنصة قرعة واحدة بالمطرقة ويقر القرار.
.. آخر كلمة:
من (الشعب الأقلية) إلى (باقي فئات الشعب الأكثرية المليونيرية)، لقد نجحتم.. فالنجاح أكدته ثرواتكم الطائلة قبل تترشحوا.. من كل قلبي لكم أيها (الأعضاء الأعزاء المبجلون) وباسم الأقلية الشعبية.. (ألف مبروك)
● توضيح: (ديمقراطية نحيلة) لا علاقة للأمر بالقوة والرسوخ والشمول.. البتة.. المقصد هنا جسدي بحت.. أي أنها (مصابة بالأنيميا، وتحتاج إلى حبوب الحديد الشهيرة التي استخدمناها في المراهقة لأسباب لا تخفى على أحد (لا تنسوا الوصفة... فالأنيميا خطيرة جداً.. جداً)
● كلمة أخيرة: كنت أحب أن أكتب عن (مير_كل) ولكن الكلمات التي خصصتها لها ثخينة إلى درجة لا تحتملها أية مطبوعة في العالم فاخترت (أكثر الصحف ديمقراطية في العالم الثالث وقتلت الرائحة بدخان سيكارة كثيف.. يا..... لم يكن ينقصنا سواك)!