ربما .. لعلّ في الذاهبين عبرةٌ!!
في المجالات الثّقافيّة حصراً، حيث يكون العمل تحت أضواء الإعلام، تصبح الفرصة التي تتيحها مهمّة الإدارة امتيازاً للاستعراض والبروزة، حيث تنطلي الخدعة على المدير فيتصرف على أنه شخصيّة عامة، ذات تأثير على وجدان الجمهور، لا مجرّد موظّف يؤدي مهمات محددة..
تكمن المشكلة في ما يترتب على هذا الفهم القاصر من سلوكيات فوقيّة، حيث يظنّ القائم بإعمال هذه الإدارة أو تلك، أنه مثل مشاهير الكتّاب ونجوم الغناء والتمثيل، لكثرة ما يعايشهم كمستقبِل أو مودّع أو مسيّر شؤون، ولذا عليه أن يحيط نفسه بأسيجة واقية مثلهم، ناسياً أن المهمة التي تنطع لها أتاحت له فرصة، مجرّد فرصة ليدير ويرتب وينسق.. ليس إلا!!
ظهوره في مؤتمرات صحفية، وفي حوارات صحافيّة مكتوبة ومرئية، يوصله مراحل لا تطاق من النرجسية، فإذا كانت نرجسيات الفنانين والأدباء مقبولة لأنها قائمة على إنجاز، فما الذي يشفع لهذه وهي تتطوّح فوق أهرامات المال العام؟؟
مدير في مؤسسة ثقافيّة أو فنيّة ليس بأفضل حالاً، أو مقاماً، من مدير للأعلاف أو النّظافة أو الثروة الحيوانية.. إلخ. بل إن المفاضلة تنحاز لمن في المؤسسات الأخرى من جهة التخصّص، ذلك أن رئيس المؤسسة شخص من المعنيين بشؤونها، ومن الغارقين في همومها، بينما هنا لا نجد شبيهاً للراحل يوسف وهبي أو للسيدة نجاح العطار. ولأنّ المسؤول، مديراً أو منسقاً، وحاله هذه الحال سيبدو خبر إقالته خبراً يستحقّ الاحتفاء، ويبعث على الراحة.. والشماتة أيضاً.. خصوصاً إذا كنّا نعرف بأي منشار كان (يحكم)!!
هؤلاء الذين يتصرفون إبان وقوفهم على رأس مهامهم وكأنّ كلّ شيء مباح لهم، وأنّ كلّ نقد هو كيد وحقد وقلّة وجدان، على أساس أنّ ما يفعلونه هو خير مطلق، رغم أنهم لا يحقّقون معجزات، ولا يؤسسون لبنية فوقية، نعرف الآن أنّ النرجسية العمياء التي وصلوها تجعلهم يشعرون أنّ الخير هو مجرّد وجودهم هناك.
لكنّ العزاء قولنا للباقي أن يعتبر بالذاهب، لأنه منذ صار خارجاً لم يعد شيئاً يذكر على الإطلاق!!