بثينة رشيد بثينة رشيد

لبنان.. انتصار كامل، فرحًٌَُ ناقص!

انتصار كامل، لأن رجالاً من نوع ونمط آخر.. كانوا يلامسون الأرض ويعانقون السماء ويشعلون دماءهم بهدوء وينصرفون، فيصمت الهواء.. ومن وحي الذهول يرتل صلاته فيستريح بعدها ويتكئ على الشجر.
وهو انتصار كامل.. لأن أناساً من نوع ونمط آخر.. وضبوا ضجيج أرواحهم وتلحفوا بأكاليل الزهو والعنفوان وتمنطقوا بلغة أخرى، اصطحبت مسافاتهم وتعشقت تورد الأنين في ترحالهم وتمنعت، ومع كل ركام الحزن ابتسموا، لأنهم وبكل بساطة كانوا وقتها، قد انتصروا.

فرح ناقص.. وهنا لا بد وأن نجلس ساعات حداد على روح الأحياء ممن يدعون أنهم شركاء لأولئك الناس في الوطن، فالشراكة عندهم هي ممارسة للحياة اليومية على بقعتهم الأرضية والتي تفوق بجمالها كل البقع، فتذهل العيون وتخلب العقول، ولا بأس أن يدخلها أصحاب البقع الأخرى ولكن كمشاهدين مبهورين فقط. فمفهوم الشراكة في ذهنهم يمنع حدوث انزياحات كيماوية أو اهتزازات فيزيائية، بل عليهم الحفاظ على القواعد الرياضية والعربية حيث الأناقة والترف والمنطق الرزين هو سيد الموقف، فمن حمل سلاحاً عليه أن ينزوي في منطقته ويتحمل تبعات خياراته, ومن عانى التشرد والضياع والفقر عليه هو الآخر أن يتقوقع في مساحاته.. فالتخلخل والتفلت أو التسرب غير مسموح، والمشاركة تعني أن يبقى كلٌٌ في مكانه، يمارس هواياته الخاصة، ويحلم أحلامه الخاصة، كلٌ حسب استطاعته وكل حسب مقدرته.. ولا مجال هنا للتعاطف، كما لا مجال للمساومة.. فالعقل متين والقلب إن شئت من فولاذ أو من حديد.. ولا مجال لمن لا حول ولا قوة لديه إلا الصبر وانتظار الفرج.. وإن حصل وأظهر جمهور في بقعته ظهوراً لافتاً أو مميزاً، وحضوراً ضارباً لكل التوقعات والحسابات.. عليه أن يفهم أن الطموح ممنوع والتأدب والتواضع وحده هو المرغوب.. فالفرح في لبنان ناقص ومنقوص حيث أرضه مقسمةٌ كأية أرض عربية، بين غالب ومغلوب.