مستقبل سورية في عيون مثقفين سوريين وعرب: قراءات للأوضاع الراهنة والقضايا الإشكالية
في الكتاب الصادر حديثاً عن « دار الينابيع» بدمشق «مستقبل سورية في عيون المثقفين العرب» يتصدى مجموعة من الأساتذة لموضوع حيوي يتعلق، باستشراف المستقبل السوري، على ضوء المعطيات التي تتوافر على الأرض في هذه اللحظة، والكتاب عبارة عن مجموعة من المداخلات التي قُدّمت في الندوة الفكرية التي أقامتها مديرية الثقافة بالرقة في الفترة الواقعة بين 21 – 23 / 5 /2007 بمناسبة تجديد البيعة للرئيس بشار الأسد.
يُستهلُّ الكتاب بمداخلة د. يوسف سلامة- فلسطين، الذي شدد على أهمية الحوار الذي ينبغي أن يكون سمة حقيقية، تسم المجتمع السوري، من خلال امتلاكه لثقافة الحوار »التي تسمح للأطراف المختلفة، والمتباينة في الرأي والفكر والعمل، بأن يقترب الواحد منهم من الآخر« وأبعد من ذلك أن تكون هذه الأطراف المتناقضة مستعدة لزحزحة مواقفها وتصوراتها إن اقتضت مصلحة المجتمع ككل.
يحدّد د.سلامة مستويات عديدة للحوار »فهو يجب أن يكون حواراً ثقافياً، أخلاقيَّاً، وسياسياً، وبين الأجيال«، ويقول: »إن استثناء شكل من أشكال الحوار يجعله أحاديّ الجانب. إجراءات رادعة للأغنياء والفقراء ويصف المجتمع السوري بأنه حتى الآن فقط يعتبر سليماً من عوامل تفككه القيمي والأخلاقي إلا أنّ الكثير من الشرفاء تحولوا إلى هامشيين في كوميديا الفساد».
من جهته تطرق د.هشام غصيب ــ الأردن، في ورقته إلى ضرورة تملك الحداثة في المجتمعات العربية ككل، وأن تمتلك الأمة العربية أدوات استقلالها، وحاجة العرب للحداثة تأتي من ضرورة امتلاك خطاب ثقافي يرتكز على خطاب علمي يعتمد العقلانية العلمية وذلك من أجل مشاركة العرب في صنع التاريخ والعودة إليه. أما د. طيب تزيني فبجرأته المعتادة ذكّر بوصف عبد الحليم خدام للمثقفين السوريين بأنهم عملاء للسفارات الأجنبية، ورد بأن المثقفين هم ضمير الشعب السوري، وقد وضع في الكتاب خمسة احتمالات ستواجهها سورية من وجهة نظره، وهذه الاحتمالات التي وصفها بأنها قد تصدق أولا تصدق تقوم على مايلي: 1- سورية قد تواجه مخاطر صراعات طائفية، وهناك من يسعى لإنتاج هذا المشروع، كما يحدث الآن في العراق 2- سورية قد تواجه صراعاً طبقياً ملوّثاً طائفياً 3- أسوة بالعراق قد تتعرض سورية لمحاولة اختزالها بقيادات سياسية 4 - قد تترك الأمور كما هي وهذه هي الفوضى الخلاقة مع تغيير اصطلاحي بحيث يصبح هذا الاسم" الفوضى التدميريّة" 5- سورية أمام احتمال أوحد وصحيح، يتمثّل بالمشروع العربي، وهو المشروع الإصلاحي الديمقراطي الذي عبر عنه الرئيس الأسد في خطاب القسم.
تحت عنوان الواقع وضرورة الإصلاح الديمقراطي كتب أ.عطية مسوح ــ سورية، محدداً خطوطاً عريضة يمكن الانطلاق منها في السير نحو الإصلاح الديمقراطي، كما عالج مسألة دور التيارات اليسارية والاشتراكية في إيقاف التحول نحو الديمقراطية، من خلال إنتاجها لديمقراطية شوهاء في عموم المنطقة العربية، بغض النظر عن نوايها السليمة
من جهته د. عبد الستار الجميلي_ العراق: فقد تقدم بورقة عنونها بسورية والوحدة العربية في ضوء سؤال الهوية الذي يعد من أهم أسئلة المستقبل، باعتبار الهوية:" حركة لتوحيد الفوارق والاختلاف، فالاختلاف مبدأ الوجود والتطابق هو استثناء مستحيل" لقد جعل الجميلي مستقبل سورية مرهوناً بـ"فن إدارة التنوع والاختلاف ونقل التراكمات الكميّة إلى نوع جديد من الوحدة لمواجهة طغيان الخارج واستبداد الداخل". يتضمن الكتاب بالإضافة لما سبق أوراق لكل من المقاومة وفن إدارة النوع لعاطف البطرس ــ مستقبل العرب مرهون بتحديث الثقافة القومية لأيوب أبو دية ــ العلاقة بين الثقافة والسياسة لمهدي دخل الله ــ مستقبل التعليم العالي في سورية لسعد الدين خرفان ــ الرئيس الأسد وسنوات التحدي لخلف علي المفتاح ــ اتجاهات ومنطلقات التنمية لمحمد سعيد الحلبي ــ القطاع العام في سورية المشاريع المائية لأمير زينب ورواية اسمها سورية لغسان علاء الدين.
الكتاب توصيف حقيقي للأوضاع في سورية، وهو يستحق القراءة لإشكاليته ولإثارته الكثير من الاسئلة، ولأن غاية صانعيه الإرتقاء بسورية وتفعيل دورها ومكانتها التاريخية ولحيوية شعبها ومركزيته بين شعوب المنطقة على مر العصور.