سافو في: «لا العسل تشتهيه نفسي ولا النحل» هكذا كان الجسد ما قبل الميلاد
«لا العسل تشتهيه نفسي ولا النحل» كتاب صدر حديثاً عن دار كنعان بترجمة طاهر رياض وأمنية أمين. الكتاب هو جزء من أعمال للشاعرة الإغريقية سافو التي ولدت في جزيرة ليسبوس ما بين «610 ـ 580 ق.م».
مدحها الشعراء الإغريق والرومان في حياتها، ووصفها أفلاطون بـ «الحكمة»، ومن جهة أخرى حمل عليها الكثيرون لجرأتها الأدبية فوصفوها بالسحاقية بسبب حميمية علاقتها بثلاث من صديقاتها كتبت لهن بعضاً من أشعارها، ولم يشفع لها قبح منظرها، وهي التي كانت ذات بشرة سمراء وملامح نسائية خشنة، وقامة قصيرة من النيل منها، ولكن هذا كله لم يكن عائقاً أمام زواجها من رجل ثري يدعى «سوكولاس».
أنتجت سافو خلال حياتها تسعة كتب، فُقد جلها مع حلول القرن الثامن، ولم يبق من كتاباتها سوى مقتطفات شعرية متناثرة على ورق البردي، وما احتواه الكتاب المترجم هو شيء من ذلك.
تركت سافو نصاً أدبياً يفتك بالجسد، يثير شهواته وغرائزه الجسدية، حين تأخذ القارئ إلى الجسد بحميمية الكلمة. تسأل الشاعرة نفسها ماذا تستطيع أن تمنح صديقتها «أفروديت» غير حلاوة لسانها، قائلة لها:«إنني أحب ذلك الذي يداعبني وأؤمن أن للحب نصيباً من ألق الشمس وعفتها..» ص16
ترسم صديقتها كتفاحة حان قطافها من أعالي الأغصان.. رائحتها مثل الزنبق البري.. وتناجيها برقة:«إنني ما زلت حزينة على فقدان بكارتي» لأنها تعتبرها ملكاً لها وليس لصديقتها وزوجها.
تواصل سافو التعبير عن مكنوناتها وحبها لصديقتها، ذاكرة لمساتها التي مررتها على جسد صديقتها فأخذتها الرجفة.. أصابتها الرعشة، لحظتها أخذها البكاء وصرخت: «تعالي يا صديقتي.. واخلعي عنك قميص نومك.. واغتسلي بالماء لأنه ما زال قميصك الأصفر في خزانة ملابسي!!» ص 62
من يقرأ الكتاب يتعرف على شاعرة كانت جريئة في التعبير عن مكنوناتها وحبها للجسد، وأكثر جرأة ممن يعرفن بالشاعرات المعاصرات اللاتي يدعين الحداثة في هذا الزمن، فهي وبكل بساطة تمتلك الجرأة التي تنطلق من عاطفة لا تبالي بقول ذاتها.
سافو الإباحية استطاعت أن تلغي كل كتابة محرمة في زمن سطوة وبلطجة قانون الحياة الذي يكتبه الآخرون.
«كانت سافو امرأة فذة عجيبة، لأني لا أعرف أنه قد وجدت في جميع العصور التي وصل إلينا علمها امرأة أوتيت معشار ما أوتيت من النبوغ في فن الشعر»، هذا ما نقله ديورانت في المجلد الثاني من كتابه «قصة الحضارة» عن المؤرخ اليوناني الكبير «سترابون»، أما ديورانت فيقول عنها «إن الأقدمين إذا ذكروا لفظ الشاعر فإنهم يعنون (هوميروس)، كذلك لفظ الشاعرة يعنى به سافو»