تعا... نحسبها...
العمل لتحقيق أهداف مرسومة سلفاً وفق أسس مرحلية واستراتيجية, هو غاية أية مؤسسة علمية تخطيطية، وتنفيذ آلياتها يكون ضمن هيكلية تنظيمية إدارية وقانونية معالمها واضحة وثابتة نسبياً, والمتغير الوحيد المؤثر هو تبدل القائمين عليها وطريقتهم بإدارة المؤسسة للوصول إلى المنشود...
والعنصر البشري هنا محركٌ أساسيٌ وفاعلٌ خلاق ضمن المؤسسة، ومن مهامه تطويرواستيعاب الجديد والمتجدد للانطلاق قدماً في وجه أي عائق ولو كان حرفية القانون أو الصنمية الإدارية، وتليين المعيقات السابقة يصبح هدفاً مرحلياً لخدمة الهدف الأسمى عبر الإلمام والاستيعاب الكامل للمعطيات والمستجدات، وبالتالي الحفاظ على استمرار المؤسسة وديناميكيتها ووجودها العلمي بالجوهر وليس بالشكل فقط..
ويدعم ذلك في «معهد تخطيط» تجاوز عمره الزمني الأربعين عاماً (كما هو الحال عندنا)، كل من التراكم المعرفي والإداري والعلمي..
عناصر القوة السابقة دورها حاسم في التقدم والنضوج النوعي، وهي دافع لتجاوز ما يعيقه إدارياً وروتيناً لخدمة أهداف وجد من أجلها..
إن التعامل مع المستوى العلمي الذي وصل إليه المعهد وتجاوزهذا التطور حدود القوانين الموضوعة سنة 1966 يعطي تصوراً واضحاً عن العلاقة المتناقضة بين مستوى التطور العلمي والإداري الحالي والقانون النصي القديم الذي يحكم المرجعية حتى الآن؛ فرتب ذلك على المتتابعين على إدارة المعهد حتى وقت ليس بقصير واجباً توفيقياً بين هذه المتناقضات حماية للمعهد...
الإسهاب البحثي بإطروحة التخرج هو فرصة معطاة للبحاثة الطلاب لتحقيق مادة علمية نوعية اعتبرت سمة ميزت معهد التخطيط وتفوقاً نوعياً له على غيره من المؤسسات العلمية والجامعية السورية المكبلة في كثير من الأحيان؛ وظهرت نوعية هذه الدراسات عبر تبني كل من أصحابها ودراساتهم في كثير من المؤسسات الاقتصادية والعلمية السورية، والتي أصبحت مفخرة للمعهد وأساتذته وطلابه، (وللإشارة قد وصل الحجم العددي لصفحات بعض هذه الأطروحات إلى 225 صفحة، والوسطي السائد لعدد صفحات الإطروحة في السنوات الماضية حوالي 150 صفحة).
والمفاجئ بعد الوصول لهذا الموقع المتقدم الرفيع من التراكم العلمي والمعرفي قرار من الإدارة الحالية عبر إعلان في المعهد يحدد فيها كل من المدة الزمنية - ثلاثة أشهر- وعدد صفحات الأطروحة - بين 40- 60 صفحة- أي وضع سقفاً لحدود المعرفة العلمية والبحث العلمي زمنياً وكمياً، فإذا اعتبرنا أن هذه الدراسة تحتوي تفصيلاً عدديا لصفحاتها:
- مقدمة البحث 2 صفحة.
- فصل أول فيه المادة التأسيسية للبحث تطرح إشكالاً معيناً أو قضية البحث بين 10-15 صفحة.
- الجداول: وسطياً 10 جداول مختلفة الحجم (وصل عدد صفحات الجدول الواحد في بعض الدراسات إلى 7 صفحات ).
- ملحق: يوضح بعض التفاصيل والمخططات والوسطي 5 صفحات.
يبقى للباحث لإعداد المادة العلمية التي تخصه ضمن هذا الحساب النظري بين( 40-60 ) صفحة – (2+13+10 + 5) صفحة = بين ( 10- 30 ) صفحة.
الحساب البسيط السابق فات الإدارة الجديدة في المعهد، وترتبت عليه جملة من التداعيات أولها تحويل أطروحة التخرج بنظر الطلاب وأساتذتهم إلى حلقة بحث موسعة، غالباً ما يعد الطلاب منها ما لا يقل عن ثلاث ضمن فترة الدراسة. ثانيها إفقاد الأطروحة غايتها وهدفها العلمي. وثالثها شعورعدد كبير من الطلاب بالإحباط لأن هذا القرار يحد من طموحاتهم البحثية. والنتيجة أن بعض الطلاب بدأ بالتفكير جدياً بأن يسلم الإدارة عدد الصفحات المعلن ويحتفظ بالبحث الأساسي...
قرارات إدارة المعهد تتناغم مع أحداث متواترة يمكن أن تفرغه من إمكانيته وطاقاته العلمية المتراكمة ابتدأها رئيس هيئة تخطيط الدولة إعلامياً: «سنجعله معهداً للتفكير»، وإدارياً عبر جملة من الإجراءات غير المهنية بحق المعهد وأساتذته والقائمين عليه منذ أشهر، واليوم يكمل الجهاز الإداري المهمة عبر قرارات وأوامر إدارية يتخوف المراقب من أن تكون خطوة في طريق الإجهاز على المعهد وبشكل نهائي في أقرب فرصة ممكنة!!