تمّام اسحق  -  رواد زكّور تمّام اسحق - رواد زكّور

مي نصر... تعزف على أوتـار السـماء

أحيت الفنانة اللبنانية الملتزمة مي نصر حفلة في مصياف  ضمن فعاليات الاحتفال بالذكرى الثالثة لتأسيس شعبة الهلال الأحمر في هذه البلدة.

غصّت الصالة بعدد كبير من جمهور مي. بدئ الحفل بعرض فيلم وثائقي قصير يتحدّث عن إنجازات شعبة الهلال الأحمر في مصياف. وبعد لحظات قليلة قامت إحدى شابات الشعبة بالتعريف بنجمة الأمسية وما أن لفظت اسمها حتّى بدأ الحضور بالتصفيق الحار والهتاف حتى قبل ظهورها واعتلائها المنصّة، فتحوّلت الصالة الصغيرة إلى فضاء رحب من الحماس والترقّب، و هاهي تحيّينا و تدعونا إلى الوقوف دقيقة صمت تكريماً و إجلالاً لروح الشاعر الكبير الراحل الباقي محمود درويش، ومن ثمّ جلست وأمسكت الجيتار لتبدأ الرحلة إلى السماء، والتي ولجنا من خلالها إلى أجمل العوالم والأكوان، من فيروز إلى زكي ناصيف، وصولاً إلى أحمد قعبور ومارسيل ووليا وأغاني الثورة والتي ألهبت مشاعر الجميع، فملأت البعض بالحنين إلى ما يسمّى بالزمن الجميل، في الوقت الذي مالت فيه قلوب الشباب لهذا الصوت الذي سُرق من لدنّ الآلهة، لأنه كان وقتاً للآلهة وإحياءً طقوس عبادتها، فلا عشتار هنا ولا أفروديت بل لحن الروح والألوهية وهو أصل الأصول. 

غنّت مي للزهر للطّير للحب والإنسان، ولم تنسَ الوطن الجريح فغنّت القدس، بيت لحم، رام الله، بغداد والجنوب.. غنت لثوّار الأرض دون أن تسمّيهم، غنّت لضمائر البشريّة، ولكن هيهات للضمير النائم بل الميت أن يصحو من رقاده. مي تنشد لشهداء المحرقة و(عودوا أنّى كنتم عودوا) في لفتة وفاء لدرويش، وفي المقابل أناس قالوا إنّهم من جنس البشر يغنّون على رائحة الدم ويرقصون على صليل السيوف. مي كانت كالندى كالحلم كالطفولة، وما هذا الحضور الكبير إلاّ انعكاس لمقولة صائبة، فما دام هناك فن راقٍ ملتزم بمبادئ الأخلاق سيكون الفنّان في مواجهة جمهور بحجم ما قدّمت يداه. 

جدير بالذكر أن تنظيم الأمسية جاء على مستوى الحدث و قيمة مي الفنيّة. على الرغم من بعض التأخير في بدء الحفل عن الموعد المسبق الإعلان عنه والذي لم يؤثّر بدوره على سلامة التنظيم. بالتأكيد لا داعي للسؤال: لماذا لا يكون التنظيم الدقيق والمدروس و الجيّد مواكباً لأي حدث تقوم به الجهات الرسمية ابتداء من أسعار البطاقات مروراً بالتعامل مع الحضور (العادي) بطريقة دونيّة، وصولاً إلى تهميش دور الإعلام في الأحداث الهامّة وأقصد الإعلام الخاص المحلّي - إلاّ فيما ندر- لا داعي لذلك بعد أن شهدنا بادرة تشبه بوادر حسن النية، في تخفيض أسعار بطاقات عروض الرفيق زياد رحباني، حيث جاءت هذه البادرة بمثابة الصحوة قبيل أن تشرف احتفالية دمشق على انتهائها، ولم تكن إلاّ بإلحاح من الرفيق زياد و ليس من الأمانة العامة للاحتفالية، التي كان أعضاؤها واجمين من عدم استفادتهم بالشكل المناسب من وجود زياد في قلب دمشق، واستثمار شعبيّته، كما استثمروا شعبيّة والدته، فلن نعيد كلامنا السابق ومعمعة البطاقات أثناء عروضها، ومكانها وزمانها، ونوعية الحضور، وتحت أيدي من أضحت ثقافتنا!!؟؟... هذا وقد خصّت الفنانة مي نصر (جريدة قاسيون) بحديث شامل بعد الأمسية، ينشر لاحقاً.

آخر تعديل على الأربعاء, 14 كانون1/ديسمبر 2016 14:52