سليم صبري: الشخصية التي أحلم بها لم ولن أؤديها أبداً
سليم صبري تاريخ آخر للدراما السورية!! شخصية آسرة ذات بصمة مميزة مع نشاط وحماسة تجاري الشباب.. أخرج العديد من الأعمال الهامة، ولاحقاً تفرّغ للتمثيل حيث شارك في أبرز وأهم الإنتاجات السورية. التقته «قاسيون» وكان الحوار التالي..
ـ البداية كانت مبكرة هل شكلت الأسرة عقبة في طريق الاتجاه الفني؟
تربيت في عائلة متوسطة ومدركة ومثقفة، والدي كان ضابطاً في الجيش وإخوتي كلهم حملة شهادات، إلا أن أبي كان مدركاً بأني جدّي في مشاريعي لذا لم يقف في وجهي، بل وسمح لي أن أستخدم المنزل كمكان للبروفات في مسرحيتي الأولى.
ـ الوطن كان حاضراً كقضية فنية أكثر من اليوم، هل كان من كلاسيكيات الحياة أن الوضع العام هو من أساسيات أي ممارسة اجتماعية؟
عام 1956 كان عمري 16 سنة، حدث العدوان الثلاثي على مصر فتمّ تجنيدنا ونحن طلاب في الدفاع المدني وأجرينا تدريباً عسكرياً ووزعوا علينا رشاشات، وكانت مهمتنا حماية البلد من الداخل فيما لو حدث اعتداء على سورية، وكانت هذه الفترة عصيبة جداً وكنا نجد أنفسنا مسؤولين رغم أننا صغار، وانتهت الأزمة ولكن صار عندي شعور بأنني شخص مهم، مما كوّن لدي رأياً، يجب أن يكون لدي رأي وأن أكون شخصية فاعلة، خاصة وأن البلد في تلك الفترة تغير، كان هنالك إحساس بأن الجميع مجند.. كان لا بد أن أعلن رأيي للملأ وذلك تجسد عن طريق المسرح.
ـ هل كان قدراً أن يتحول المسرح إلى كاميرا وتلفزيون؟
شخصياً أغراني التلفزيون كثيراً، لأنه يحقق انتشاراً إعلامياً أكبر، وكنت معجباً بالكاميرا جداً، خاصة وأن هوايتي كانت السينما، أهداني والدي أول كاميرا وأنا بعمر ست سنوات، فالصورة كانت مغرية كثيراً بالنسبة لي، والتلفزيون كان يحقق انتشاراً أكبر من المسرح ولكن هذا لا يلغي دور المسرح العضوي.
ـ العمل الإداري كم يقمع من مواهب لدى الفنان؟
يمكنك العمل كفنان ومدير ولكن لفترة معينة فأنا عملت مديراً لمديرية الإنتاج التلفزيوني التي أسستها عام 1974 مدة 4 سنوات، إلا أنني تعرضت لجلطة قلبية نتيجة ضغط العمل فقررت العودة للعمل كمخرج فقط.
ـ تركت الإخراج وتحولت للتمثيل هل مرت مرحلة وجدت فيها أسلوبك كلاسيكياً؟
تركت الإخراج بسبب متاعبه ووجود جيل جديد من المخرجين الذين يجب إتاحة الفرصة لهم، عدت إلى هواية التمثيل.
ـ هل كان لديك مثل أعلى في المهنة، خاصة في فترة كان الاطلاع فيها على إنتاج الغير أكبر من الإنتاج المحلي؟
لم أتمن أن أكون مثل أحد، أو أحلم بشخصية عالمية معينة، كنت أعجب بالتجارب والأعمال.. لم أتمن يوماً أن أكون مارلون براندو لكنني كنت أحب أعماله كثيراً، كانت فكرة التقليد والمحاكاة ملغية تماماً، التمثيل ينبع مما تراه في داخلك تماماً.
ـ إلى أي حد تتغير شخصية الفنان عند التحول من الهواية إلى الاحتراف؟
لا أزال هاوٍياً ولم تتحول عندي الهواية يوماً لاحتراف، رغم أنني من أوائل المحترفين، لكنني اتبعت أسلوب الهاوي، ولو أنني اتبعت أسلوب المحترف لكنت الآن أملك شركة إنتاج ضخمة، لم أفكر يوماً بملكية شركة، كنت دائماً أنتقي العمل وفقاً لرؤيتي واتجاهي.
ـ الأسرة الفنية... هل تولد بشكل طبيعي نتيجة لضرورة توريث المهن الناجحة كما تجبرنا الأسر الفنية على القناعة بذلك؟
الأسرة الفنية تتألف من تكوينين وهما: أولاً التكوين الوراثي، فأنا وزوجتي حياتنا كلها فن ولا شيء آخر.. قراءة، مشاهدة.. نقد، لذا جاء الأولاد حاملين ملكات وراثية.
ثانياً التربية، أولادنا الثلاثة منذ الطفولة المبكرة كانوا يستمعون إلى الموسيقا الموجودة بشكل دائم في المنزل وخاصة الكلاسيكيات العالمية، فمنذ طفولتهم تعلموا الموسيقا... اعترضنا على أن أولادنا جميعاً سيعملون بالفن، لأن مشوار الفن صعب وطويل ومنهك، وبالفعل ثائر اتجه نحو الكومبيوتر على الرغم من اهتمامه بالموسيقى، وريم مدرّسة وتعزف الغيتار... باستثناء يارا التي أصرت على العمل بالتمثيل كثيراً وكانت عنيدة جداً، رغم رفضنا الشديد تم اختبارها وأدركنا بأنها قادرة على أن تكون ممثلة متكلةً على نفسها ولم نفرضها نحن.
ـ هل تجد نفسك ضمن خارطة الدراما السورية حالياً تراثاً؟
لا أجد نفسي تراثاً أنا مدرك لحضوري في هذه الدراما... أحب الجيل الجديد في الدراما وأبني معهم صداقات عميقة... أعتبر نفسي منتمياً لكل الأجيال... ما يزعجني هو التكوين العام للدراما السورية من خلال سيطرة أناس لا علاقة مباشرة لهم بالفن... اللاواعون لدور الفن في المجتمع.. لا أعتبر أنني إنسان تم تجاهله حالياً رغم إدراكي لتجاهل الكثيرين من أبناء جيلي من قبل الكتاب والمخرجين والمنتجين وكل من له دور في العملية الدراميّة.
ـ هل ما تحصده الدراما حالياً هو نتيجة طبيعية لجهودكم السابقة؟
لا أجدها كذلك.. هي دراما تمشي بخطوات متينة وقوية ولكن كان الممكن أن تكون أقوى والخوف ألا تكمل... قضية الدراما السورية بدأت تتشابه وتهرب من الكثير من حقائق المجتمع.. دراما التاريخ هروب من الواقع لأن الهدف في النهاية هو الواقع لا التاريخ الذي لا يهمنا الآن.
ـ أديت الكثير من الشخصيات... ما الشخصية التي لم تؤدها بعد؟
لم أؤد بعد الشخصية التي أحلم بها ولن أؤديها أبداً.. تلك الشخصية التي تحاكي الجميع رغم كبر سنها تعيش مع جميع المستويات العمرية بمنطقها رغم تقدم سنها.. تحاول أن تخلق في كل مكان جو اً ًاجتماعياً ما.. تعيش مع المراهقين و مع الأطفال.
ـ يبدو بأنها شخصية سريالية إلى حد ما... أو أنه هنالك شيء في شخصيتك الحقيقية لم تكتشفه بعد؟
ربما هو ذلك..