وزاد في الطنبور.. رسماً!!
أيها المواطن السوري العادي البسيط، المحدود الدخل، المهدود الحيل، المتعب، المنهك، الموشك على الجوع، المكشوف الظهر والبطن والخاصرة.. عليك أن تعلم يقيناً أنك تعيش في زمان جميع من يمتلك الرغبة والقدرة والنفوذ على نهبك لن يتوانى عن ذلك.. وبعض القانون جاهز لشرعنة المسألة وإعطائها أسماءً لا تستطيع إلى ردها سبيلا..
اليوم، كل من لهم السطوة والحظوة باتوا يقتنصون لقمتك، ويقاسمون ما تبقى من أضراسك المنخورة على قضمها..
لوقت قريب، كنتَ ترى خصمك يتوارى في معاطف التجار والسماسرة، وخلف نظّارات العصابات، وتحت عباءات المستثمرين المقيمين والوافدين والواعظين، أو متسربلاً أنواعاً محددة من الملابس الموحدة، وكنت وما تزال تدفع الرسوم والضرائب والأتاوات السريعة والبطيئة والطارئة لجهات تعرفها، ولأسباب تحفظها عن ظهر قلب.. لكن اليوم، لم يعد الطامع في قرشك الضعيف القاصر له سمة محددة أو توصيف دقيق أو هيئة واضحة، وقد اتسع في تنوعه، وضاق في تمركزه لاتساع دائرتك الشاحبة..
وآخر الداخلين على خط سحب بقية رمقك أولئك الذين يسلون نهاراتك ولياليك بحكاياتهم المصورة، ويطربون قلبك بأغانيهم التراثية والمعاصرة.. إنها نقابة الفنانين.. ممثلة الفنانين الذين نحب معظمهم، ونعشق بقيتهم، ونتوق لرؤيتهم «شخصي» أو لأخذ صورة تذكارية إلى جانبهم..
كيف ذلك؟ إليك الجواب: لنفترض أن «عبدو» أجير الحمصاني «أبو دياب» أراد أن يتزوج، وحجز لتحقيق هذه الغاية في صالة أفراح لإقامة «عرس نسوان»، وأراد أن يحضر «موافقة خاصة» لإقامة الحفل على صوت مسجلة، فلن يحظى بهذه الموافقة إلا بدفع رسم لنقابة الفنانين قيمته /650/ ل.س!!.. وما ينطبق على «عبدو» صاحب «الألفين ليرة» أسبوعياً، ينطبق على معلمه إذا أراد أن يطهّر المحروس «دياب»، وعلى زوجة معلمه «أم دياب» إذا أرادت أن تقيم «مولد» لوجه النبي العدنان بمناسبة قدوم «ديبو» إلى الدنيا.. وهكذا فإن عبدو أجير الحمصاني سيدفع ضريبة ل«أمير الشاشة» المشخصاتي، وأبو دياب ل«عروس الدراما»، وأم دياب ل«قنبلة الصوت» المغنواتي، أو ل«سفيرة الغجر» إلى النجوم.. وكأن كل هؤلاء المدفوع لهم، هم من أصحاب الدخول الضعيفة.. يا حرام!!
ولكن، على ما يبدو، نسي نقيب الفنانين مستصدر الرسم الجديد.. أن «كل شي إلو حل»، والموافقة «إياها» قد تصدر بطريقة أو بأخرى، ويذهب ما قيمته نصف الرسم إلى جيوب «متعاطف» قبل وصوله إلى خزائن النقابة.. لذلك عليه أن يجد حلاًً لهذا «المتعاطف» الإلزامي المستقوي ب«بيت خالتنا». فنحن– المواطنين الموصوفين أعلاه- أهون علينا أن ندفع ل«متعاطف» نعرفه، على أن ندفع رسماً لمغنية كازينوهات..