رسام الكاريكاتير الأشهر في أمريكا يدين إسرائيل حتى نيويورك تايمز لم تتحمل وحشية العدوان على غزة
ليس هذا الرسم الكاريكاتوري مأخوذاً من صحيفة عربية راديكالية، إذ لا يكفي القول صحيفة عربية فحسب فبعض الإعلام العربي لديه حساسية من مجرد «انتقاد» إسرائيل. هذا الكاريكاتير هو للفنان الأسترالي – الأمريكي الشهير بات أوليفانت الحائز على جائزة بوليتزر، وقد نشر في صحيفة نيويورك تايمز يوم 26/3، نيويورك تايمز (ما غيرها) صحيفة الصهيوني توماس فريدمان صاحب مبادرة السلام العربية والصحافية السابقة جوديث ميلر من لفقت تقريراً عن أسلحة الدمار الشامل العراقية، الصحيفة المركزية اليمينية التي لا تعبر عادة عن وجهات نظر انشقاقية، والتي يتمتع اللوبي الصهيوني بنفوذ كبير فيها.
الكاريكاتير الذي نشر في عدة صحف ومواقع أثار جدلاً واسعاً بدءاً من ردود القراء الهائلة، إلى تحرك مجموعات يهودية أمريكية ذات وزن للمطالبة بإزالته من الصفحات الإلكترونية، ومن هذه المجموعات مركز سيمون فيزنتال في لوس أنجلوس، ورابطة مكافحة التشهير التي شبهت الرسم «بالدعاية النازية والسوفيتية» (أهمية العمل هنا لا تتعلق بقيمته الفنية)، ومما أثار حفيظة هذه الجماعات هو وجود تشابه بين الجندي الظاهر في الصورة بملابسه ومشيته وبين عناصر الجيش النازي، فموضوعة النازية والهولوكست هي ملكية حصرية لا يجوز ربط شيء بها، فكيف إذا كانت الضحية فلسطينية وهي هنا امرأة عربية مسلمة تضع غطاء رأس اسمها «غزة»، ونجمة داوود «المنزهة» تصبح وحشاً بفك مفترس. كما أن الرواية الصهيونية عن العدوان على غزة، أصبحت متهافتة (وتقارير الإدانة بدأت تخرج من داخل إسرائيل)، ولم تعد تصدق حتى في الولايات المتحدة، فبشاعة المجازر الإسرائيلية وعبثيتها لا يمكن أن يبررها حتى أصدقاء إسرائيل وهي من الوضوح بحيث لا تتحمل أية حذلقة إعلامية، لذلك جاء هذا الصوت العالي والغاضب من حيث لا نتوقع كما نعتقد.
التهمة الجاهزة دوماً هي معاداة السامية، خاصة أن بات أوليفانت سبق أن تورط في اتهامات بالعنصرية ووجه بها من قبل العرب والآسيويين في أمريكا. وإذا كانت العنصرية مرفوضة بغض النظر عمن تستهدفه، إلا أن الأمر هنا مختلف فممارسة ما يسمى بالعداء للسامية (اقرأ العداء لليهود) في صحيفة واسعة الانتشار كنيويورك تايمز ليست أمراً مألوفاً.
يقول الدكتور سري المقدسي في مقالة قيمة في العدد الأخير من مجلة «الآداب» بعنوان «غزة: نهاية اللوبي الصهيوني في أمريكا»: «على الرغم من خنوع المؤسسة السياسية الأمريكية لإسرائيل، فإن الغالبية العظمى من الأمريكيين يتبنون وجهة نظر مخالفة لنخبهم السياسية أو للإعلام السائد. وهذا البون يتسع، والمسألة مسألة وقت فحسب قبل أن تعمد وسائل الإعلام والمؤسسة السياسية إلى اللحاق بجمهور المنتخبين». واليوم مع توفر مصادر إعلامية بديلة، خاصة عبر الإنترنت فإن هيمنة المنابر الإعلامية الكبرى من تلفزيونات وصحف هي إلى زوال، بل أن هذه المنابر تجد نفسها مطالبة بتغيير خطابها الإعلامي، والسماح بظهور وجهات نظر مغايرة للحفاظ على الحد الأدنى من مصداقيتها.