محمد السموري في كتابه الجديد «تاريخ الرقـم 7»: محاولة أخرى في حل الألغاز المقدسة

بعد كتابه «ثقافة الصمت» يخرج الباحث محمد السموري بكتاب عنوانه «تاريخ الرقم 7» وهذا البحث يعتبر عاملاً مشتركاً بين أبناء وأطياف الإنسانية كافة، فهو يمس الجميع، وكأن الباحث أراد أن يخلق جواً من الوحدة الإنسانية العامة،  أو أنه يبحث عن العوامل المشتركة بين أبناء الإنسانية،  ومن هذه العوامل المشتركة ما جاء في هذا البحث: «ولهذا عُذّ الرقم سبعة رمزاً للكمال فكان مقدسا في الديانات الشرقية، والقديمة، والأساطير، والموروث الاجتماعي ،والتراث الثقافي اللامادي، وثمة تناغم وتساير بين مجموع تلك المكونات الثقافية حدا بنا إلى تقصّيه وتتبعه، فكان هذا الجهد ثمرة ذلك التقصّي»، إنه رقم  رابط بين أطياف الفكر الإنساني كافة، وهذا الرقم هو ترنيمة أطلقت منذ بدء الخليقة لتشكل أشيائنا المتوارثة،  ولتمنهج تاريخنا البشري وفق وحدة الأشياء المشتركة، وقد تناول الباحث هذا الرقم بأسلوبية اقرب إلى موسيقى التداول وبساطته، بحيث لم يحمِّل القارئ عناء وجهد البحث ضمن القواميس عن مصطلحات ومفردات، لينفتح النص على  الجميع،  ويصبح البحث كتابا مفتوحاًً مبسطا في القراءة مكتظاً بكم هائل من المعلومات التي يبدو أن الباحث قد بذل جهداً واضحاً وجهيداً ليحيط بهذا الرقم العجيب الذي أوجد لنفسه هالة ومكانة بين نظرائه من الأرقام بل وتفوق عليه في كثير من المواضع: «السّبعة عندهم (عند العرب وخصوصاً قريش) عدد كامل، والعدد بعدها مستأنف ،ومنه قوله تعالى : (يقولون سبعة وثامنهم كلبهم) فأثبت الواو بعد السبعة، ولم يثبتها في ما تقدم من الأعداد».
صحيح أن الكثير من الأشياء تخضع للرقمنة ولكن لهذا الرقم مكانة لا تخضع للشواذية أو اللامنطقية بل وكأنها مكانة مقدرة على قياسه، بل ركن أساسي لا تجوز الأشياء دونه، وهذا ما أرهق الكاتب في سعيه اللا محدود لإعطاء هذا الرقم.
و في بداية البحث قال الكاتب: «عمدنا على ذكر الورودات دون أي  تدخل في الجانب العلمي، بل اقتصرت تدخلاتنا على  الجوانب التفسيرية والتأويلية لتقديم المادة العلمية مبسّطة سهلة التناول، ولهذا ارتأينا إتباع منهج الاستقصاء في بحثنا».

مواضيع البحث:
بدأ الكاتب بحثه بمسرد للموضوعات والفهرس وتناول الرقم 7 كما يلي:
الرقم سبعة في المقدس:
1- في القرآن الكريم: (أبواب جهنم - القراءات السبع - الجنان السبع - أقسام الفقه.
السبع المحرمات -عدد الركعات - سبعة لا تقبل صلاتهم-الوصية- السبع الموبقات-الحج- خصال لا تنبغي في المسجد -عذاب يوم الظلة-أولاد النبي أيوب-نفر الجن المسلم -اختيار العاقل -مصاحف عثمان- البكاؤون- السّبعة الأوائل- شرائط قبول الشهادة- دركات جهنم-الدرجات السبع-شروط الدعاء...).
2-في اليهودية أخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أعطي موسى التوراة في  سبعة  ألواح من زبرجد فيها تبيان لكل شيء وموعظة.
 3-في المسيحية: السّبعة في المسيحية  ترمز إلى العذرية، و للكمال وعدد الخلق والتطور الكوني،  والراحة الخالدة والقيامة. وفي المسيحية، يقسم العالم سبعة عصور

 وقد تناول الباحث في ذلك:
 الأسرار المقدسة- الفضائل- الخطايا الرئيسة- الوصايا المعاكسة سبع العجائب- طلبات الكهنة - مائدة السماء- في التراث الماروني السّبعة وذمتها- المعمودية -السريان وشهورهم -أعياد القبط.
4-عند البوذيين.
5- في الجينية.
6- السّبعة في تقاليد الشعوب- في المأثور العربي- قالت العرب.
7- في جسم الإنسان.
8- في النخيل.
9-  الرقم سبعة في عقائد الطوائف – السبعية- عند الفاطميِّين- عند اليزيديِّين- عند البهائيّين -عند الموحّدين (الدّروز) - عند العرفانيّين - الرقم سبعة عند الماسونيّين.
 
من الطريف ذكر ماجاء في الجرادة وهي حشرة معروفة:
صورة الجرادة: «سئل شريح القاضي عن الجراد فقال: قبح الله الجرادة فيها خلقة سبعة جبابرة، رأسها رأس فرس، وعنقها عنق ثور، وصدرها صدر أسد، وجناحها جناح نسر، ورجلاها رجل جمل، وذنبها ذنب حية، وبطنها بطن عقرب».
 واسترسل الباحث في مكانة الرقم 7 عند الشعوب والأقوام والخليقة. والترتيب السابق ليس سوى غيض من بحث شامل، وهو عبارة عن شواهد من البحث.
في نهاية البحث  ختم الباحث البحث بالسؤال الذي يطرح نفسه: ما سر ورود هذا الرقم وبهذا الشكل الواسع والكامل والتام؟  كما يؤكد الباحث:  «بعد أن أشبعنا البحث استقصاءً نتأمل الآن في سرِّ وروداته ، ودخوله مألوفات الحياة فنجده بحقّ رمزا ً للكمال والتمام، الكمال الذي فطر الإنسان على توخيه والبحث عنه، ودأب على تمثله وصبت نفسه وروحه إلى بلوغه، يعبّر عن المعادلة التاريخية بين البقاء والفناء، الحياة السرمدية والموت، والحياة بعد الموت».
 الكتاب يقع في  124  صفحة من القطع المتوسط  -  صادر عن: دار غراب – القاهرة -2009
 
■ عمار حمزة الجمعة