ربما ..! مهرجانات ضدّ الثّقافة

لا يمكن بحال من الأحوال إعفاء المؤسسة الثقافية، الرسمية على وجه الخصوص، من تحمّل جزء كبير من عبء تردّي الحالة الثّقافية إلى الدّرك الذي نعرفه ونلمسه. لا بل إن هذا التّردي لمرتبطٌ عضوياً بالتردّي الذي تعيشه هذه المؤسسة نفسها.

فلا يمكن لعقلية ينخرها سوس البيروقراطية أن تلعب الدور المناط بها، خاصّة وأنها تدار بعقلية الموظف (الميري)، البعيد كلياً عن روح العمل الثّقافي، وفقدان روح المبادرة، والنظر إلى المؤسسة بوصفها مزرعة خاصة ودجاجة بياضّة.

إنَّ ثقافة ممأسسةٌ بهذه الطريقة لا يمكن أن يعوّل عليها في إثراء المشهد الحياتيّ اليوميّ، فكيف إذاً يكون التعويل في مسائل إعلاء قيم العقل والتنوير وصياغة الهوية وفق الثوابت الوطنيّة والحضارية؟

بعد انتهاء مهرجاني السينما والمسرح، على سبيل المثال لا الحصر، يتساءل الواحد منّا في سره: ما الذي حصلتُ عليه سوى المشاهدة والمتعة الشخصية (إن وُجدَت)؟؟ فعلاً ما القيمة الثقافية التي تكرسها هذه المهرجانات؟ هل من مجيب؟؟

لن يكون لمهرجان ثقافي له تاريخ أن يستعيد ألقه إلا بالبدء في البحث عن ثقافة جديرة تحمل همّاً وموقفاً، لا بنشاط (اجتماعي) يتوافق مع العلاقات العامة والخاصة للمؤسسات الرسمية ومسؤوليها، ولا بسينما الوفود وسوق الـ«دي في دي».. فالخيار الذي لا بديل عنه هو الوقوف على ما يرفد الحركة الثقافية، وما يقدم قيماً فنيةً وجماليةً وثقافية، لا مجرد رفع العتب، والتشدق بأنه لدينا مهرجانات، كما يبدو من السطح. وربما البعيد في هذا أنه، ويا للألم!! هي ذي الثقافة التي تريدها المؤسسة!! 

رائد وحش

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.