في الذكرى الثامنة والثلاثين لاستشهاد غسان كنفاني

في الذكرى الثامنة والثلاثين لاستشهاد الأديب والإعلامي الفلسطيني غسان كنفاني أقامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ندوة ثقافية في مخيم خان الشيح بحضور الرفيق أبو أحمد فؤاد عضو المكتب السياسي للجبهة والمناضل عدنان بدر الحلو.

افتتحت الندوة بالوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء الأمة، وفي كلمته، تحدث أبو أحمد فؤاد عن الدور الذي أداه غسان كنفاني في خدمة القضية الفلسطينية رغم الزمن القصير الذي عاشه، مشيراً إلى بعض الذكريات الشخصية التي جمعته وغسان كنفاني الذي اغتالته المخابرات الصهيونية في (8-7-1972)، مؤكداً على أن العدو الصهيوني يستهدف المبدعين من أبناء شعبنا كما يستهدف المقاتلين.

وأوضح أبو أحمد فؤاد أن الشعب الفلسطيني لن يتنازل عن أي حق من حقوقه مهما طال الزمان، ومهما ازدادت الانتهاكات الصهيونية بحقه.

وبدوره أكد المناضل عدنان بدر الحلو الذي عايش غسان كنفاني منذ صدور الأعداد الأولى من مجلة الهدف وحتى استشهاده على ضرورة التعرف على مسيرة غسان كنفاني الأدبية والفكرية السياسية، فهو المناضل الذي زرعت أشلائه في هذه الأرض بذور المقاومة.

وأشار إلى أن الشهيد الذي اغتالته يد الغدر الصهيونية قد أمسى خالداً في ضمير الأمة ووجدانها، حيث تتجدد ذكرى غسان عاماً بعد عام وتزداد إشعاعاً وحضوراً.

وقال الحلو: «إن مضي ثمانية وثلاثين عاماً على غياب أي شخص كافية لتطوي ذكراه، لو لم يكن هذا الشخص هو غسان كنفاني الحاضر فينا أبداً كرمز حي لقضية حية، فغسان الذي ولد في عكا سنة 1936 ضربته صاعقة النكبة وهو في ريعان فتوته فكانت معاناة الاقتلاع من الوطن واللجوء الجرح الأكبر في مخيلته، والشحنة الظاهرة في كل سلوكه، وجميع عطاءاته النضالية والإبداعية على مدى الأربعة والعشرين عاماً التي عاشها لاجئاً بعد اغتصاب فلسطين». 

وأضاف الحلو: «إن مرحلة الكتابة  الصحفية التي بدأها غسان في بيروت تركزت كلها على فلسطين، بدءاً من ملحق صحيفة المحرر، إلى مجلة الحرية، فجريدة الأنوار، وصولاً إلى إصدار مجلة الهدف بناء على طلب الرفيق وديع حداد عام 1969».

وتابع الحلو قائلاً: «في تلك المرحلة النضالية انشغل غسان بهاجس كبير جداً هو أولئك الأهل الذين بقوا في فلسطين تحت الاحتلال، وكان ثمة قطيعة فلسطينية وعربية كاملة معهم، بل كان هناك نظرة شائعة توجه لهم اتهامات التخوين، ولذلك انبرى غسان كإعلامي وأديب للقيام بمهمة استشكاف أوضاعهم والتواصل معهم، ووجد طريقه إلى ذلك عبر بعض الصحفيين الأجانب الذين راح يكلفهم بالحصول على ما تيسر من منشورات وكتابات وصحف داخل فلسطين المحتلة ليكتشف وجود نشاط ثقافي وأدبي وسياسيي فلسطيني متجذر في تلك الأرض عصي على الصهينة والأسرلة رغم أنف الاحتلال والمحتلين».

وأكد الحلو أن غسان كنفاني أخذ على عاتقه رغم كل غيوم التشكيك التي كانت تملأ الأجواء العربية آنذاك أن يعيد نشر ذلك الإنتاج، فكان أول من عرف العالم العربي على أهلنا داخل الأرض المحتلة من خلال الكتابين اللذين نشرهما آنذاك عن ذلك الأدب.

ولفت الحلو إلى أن جميع أبناء الأمة مدينون لغسان بأنه هو الذي عرفهم على محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد، وسالم جبران وإميل حبيبي، وغيرهم، بل أكثر من ذلك يمكننا القول إن أحداً غيره لم يكن ليجرؤ آنذاك على الاعتراف لهم بهويتهم الوطنية الفلسطينية لو لم يضع غسان رصيده القومي والإبداعي في هذه العملية محاولا التصدي لكل تهم التشكيك التي كانت شائعة عندما كتب روايته الشهيرة «عائد إلى حيفا». 

وقال: «لقد كانت كتابات غسان في هذا الشأن المخاض الذي أعاد لفلسطيني الداخل هويتهم الوطنية،حيث أدرك غسان في وقت مبكر أن الفقراء هم المستعدون للتضحية فليس لديهم ما يخسرونه سوى قيودهم، وهو ما تحدث عنه غسان في روايته "أم سعد" التي صمدت في المخيم، فيما كان السياسيون والمثقفون مصابين بالإحباط».

وأضاف الحلو: «كان غسان في كل نشاطه مشدودا نحو فلسطيني الداخل فقد أفرد في الهدف مساحة كبيرة لكل نشاط سياسي أو ثقافي أو نضالي يقوم به أهلنا في الداخل وكانت ثورة غزة بين عامي (1969-1971) محور اهتمام غسان والهدف على امتداد أعدادها في تلك الفترة». 

وأكد الحلو أنه كان لدى غسان كنفاني رؤية واضحة لطبيعة المعركة، فالصراع ليس مع الكيان الصهيوني فقط ولا حتى مع الصهيونية العالمية أيضاً بل كانت الإمبريالية العالمية هي العدو الرئيس الذي يقود معسكراً واحداً يضم الصهيونية العالمية والكيان الصهيوني والرجعية العربية وكل ما لهذه الإمبريالية من امتدادات، وأشار إلى أن غسان كان يدرك أن ساحة المعركة واسعة وهي متعددة أشكال الصراع وأدواته وأن للرأي العام العالمي أهيمته في هذه المعركة.

وفي الختام قامت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتكريم المناضل بدر الدين الحلو والأسير الفلسطيني المحرر محمد علي ذياب.