يوم الشعر العالمي: وأنـجب الرابحون أحفاداً.. أما الخاسرون فأنـجبوا وحسب!

يكتسي هذا اليوم، في هذه السنة تحديداً، ثوباً خاصاً، ذلك أنه يتزامن مع صعود ليبيا إلى حريتها، بعد تونس ومصر، لذا تأتي الباقة المختارة الشعرية هنا كتحية لكل من يحاولون الحرية.. 

أنا من هناك

محمود درويش 

شاعر عربي، نعرفه جميعاً، يقال إنه رحل عن عالمنا منذ سنتين مع أنه ما اجتمع اثنان ليتكلما في شأن عام أو ثقافي إلا وكان ثالثهما. 

أنا من هناك. ولي ذكرياتٌ. ولدت كما تولد الناس. لي والدةْ

وبيتٌ كثير النوافذِ. لي إخوةٌ. أصدقاء. وسجنٌ بنافذة باردةْ

لي موجةٌ خطفتها النوارس. لي مشهدي الخاص. لي عشبةٌ زائدةْ

ولي قمرٌ في أقاصي الكلام، ورزقُ الطيور، وزيتونةٌ خالدةْ

مررتُ على الأرض قبل مرور السيوف على جسدٍ حوّلوه إلى مائدةْ

أنا من هناك. أعيد السماء إلى أمها حين تبكي السماء على أمها،

وأبكي لتعرفني غيمةٌ عائدةْ

تعلّمتُ كل كلام يليقُ بمحكمة الدم كي أكسر القاعدةْ

تعلّمتُ كل الكلام، وفككته كي أركب مفردةً واحدةْ

هي: الوطنُ...

خوف النظام

بروتولد بريخت

(1898 ـ 1956) شاعر وكاتب ومخرج مسرحي ألماني. يعد من أهم كتاب المسرح في القرن العشرين، عُرف بمناهضة النظام النازي. 

خائفاً..

يتوقف المدرس عن الكلام

وهو في خضم النقاش ويلتفت شاحب الوجه

نحو جدران الصف الرقيقة.

المعلم يمضي ليلته مسهداً

يفكر بكلمة غامضة قالها المفتش.

صاحبة دكان البقالة العجوز تضع إصبعها

على شفتيها لتحبس كلمة ساخطة بصدد رداءة الطحين.

بخوف ينظر الآباء والأمهات إلى الأبناء نظرتهم إلى وشاة.

وحتى المشرفون على الموت يخفضون الصوت المكتوم

عندما يودعون ذويهم. 

أغنية الواطئين

إيرنست جونز 

شاعر إنكليزي، مثقف وسياسي وإنساني كبير، لاقت قصيدته «أغنية الواطئين» قبولاً واسعاً وانتشاراً كبيراً في صفوف الكادحين الإنكليز، وقد لُحنت وغُنيت.. 

نحن واطئون، واطئون

واطئون جداً جداً

مكاننا نعرفه –فنحن واطئون جداً-

إنه تحت، عند أقدام المالك..

ونحن لسنا واطئين إلى درجة ألا نصنع الخبز

لكننا واطئون إلى درجة ألا نأكله..

هبوطاً، هبوطاً ننحدر –فنحن واطئون جداً-

إلى جحيم المناجم العميقة الغائرة

لكننا نجمع أبهى الجواهر البراقة

عندما يشعّ تاج طاغية

وكلما نقصه من ذلك.. فعلى ظهورنا

سيتلطف بإلقاء أعباء جديدة

نحن واطئون جداً

إلى درجة ألا يكون لنا رأي في الضريبة

ولكننا لسنا واطئين إلى درجة ألا ندفعها.. 

الزمن القادم

غسان زقطان 

ولد في بيت جالا عام 1954، من أعماله: «صباح مبكر», «أسباب قديمة», «رايات»، «سيرة بالفحم»، «كطير من القش يتبعني».. 

في الزمن القادم

حين أغادر صبحاً كالمعتادْ

وأعود مساءً كالمعتادْ

سيكون لنا وقتٌ

نتحدث فيه عن الأولادْ

لكنّي الآنْ

بكل قواي أقولْ

اشتدي اشتدي

ما زال لهذا الليل ذيولْ 

أمريكا كانت وعوداً

أرشيبالد مكليش 

شاعر وناقد وأكاديمي ومسرحي أمريكي. عني عناية كبيرة بالأحداث من حوله وبشؤون زمانه، وكان يرى أن الأديب الذي يريد الحرية ملتزم شاء أم أبى، في أي صراع، وأن الأدباء الذين يتنصلون من مسؤولياتهم الاجتماعية هم سلاح ضد الديمقراطية. 

الثروة دليل العرق النبيل.. دليل الأثرياء

وأنجب الرابحون أحفاداً.. أما الخاسرون فأنجبوا وحسب!

واحتكرت أرستقراطية أنانية الدهاء

الأرض.. ابتاعت البلدان والمواقع..

والبضائع.. والحكومة.. والشعب.. استنزفت دمها

باعتها.. احتفظت بالربح.. فقدت ذاتها

أرستقراطية الثروة والمواهب

حولت مواهبها ثروةً، وخسرت المواهب

حولت الأنانية المستنيرة ثروة

حولت مصلحة الذات دفتر بنوك.. رصدت حسابها

أنجبت.. أنجبت لبهاليل.. لسائسي خيول..

نصابين بلعب الورق.. نسوة مهندمات.. راقصات مخادعات؟؟