عبّاد يحيى في روايته رام الله الشقراء وحول واقع «عاصمة معاهدة أوسلو»

رواية «رام الله الشقراء» للكاتب عبّاد يحيى، الصادرة عن «دار الفيل - القدس، 2013»، وتتناول الرواية موضوعات راهنة في الأراضي الفلسطينية المحتلة كالتمويل الأجنبي، الاحتلال، الغزو «الناعم»، محمود درويش وجوليانو مير خميس الذي قضى اغتيالاً في مسرحه في مخيم «جنين»... قضايا ووجوه تشكّل بانوراما اجتماعية وسياسية واقتصادية موجعة لأحوال «عاصمة معاهدة أوسلو».

يعلّق عارف الحجاوي أستاذ الإعلام في «جامعة بيرزيت» على النص: «أوسلو الآن جثة تحرص أربعة أطراف على عدم دفنها: إسرائيل، والسلطة، ومئة وثمانون ألف موظف في السلطة، وأشخاص بيض وشقر يعششون في رام الله، ويمثلون الطرف الرابع، وهو أوروبا، سمسار أميركا في المنطقة». ويرى الحجاوي أن هذا الطرف الرابع هو محور الرواية ذلك أن الكاتب «يحس» بأزمة رام الله السمراء من خلال هذه المفكرة التي لا يخلو سطر فيها من بريق.

بينما يكتب الشاعر والناقد الفلسطيني محمد الأسعد في المقدمة: «رواية رائعة من النوع الذي يحتفي بشعرية الأشياء لا بالغنائيات الذاهلة. وإن كانت خلفية الكاتب كباحث في علم الاجتماع أساسية هنا، إلا أن السِّر يكمن في «فن» العفوية كما يصفه المعلّم الصيني لاوتسو. أحببتُ هذه الرواية وسخريتها وألمها المبطَّن، وأحببتُ أكثر واقعيتها الخيالية، حيث تستبطن الوقائع ما هو أعمق من سطحها الظاهر. ربما كان هذا النوع من الشعرية خاصاً بتجربة الإنسان الفلسطيني، وعلامة على عودته إلى الحياة، بعد أن ألقته السنوات الماضية في جبٍّ من رغوة الكلام، وحجبته عن نفسه وعن العالم من حوله».

 

نقتطف من الرواية هذه المقاطع:

 

(1)

لا أبغي الانتقاص من جمالية ليلتك، لكنني أرى أنّ الأغاني الثوريّة حين تغنّى على المسارح الفخمة وتحت الأضواء المضبوطة وفي أجواء غير ثورية أبداً، أظنّها تصبح شيئاً من الحنين النخبويّ. بماذا تشعرينَ حين تغنّي فرقة «العاشقين» أغاني الثورة من قلب رام الله، عاصمة مشروع المفاوضات؟!

«اشهد يا عالم علينا وع بيروت، اشهد ع الحرب الشعبية»، كيف يشعرون وهم يغنّونها كجزء من مشروع السلام حتّى الموت؟ ألا يختنقون بالكلمات أو أيّ شيء باق من الذكرى؟

ها هم تحوّلوا إلى مواطنين في دولة أوسلو، ويتقاضَون راتباً لقاء استجداء حنين ما لأيام ماضية. ولأمعنَ في تشويه سهرتك الجميلة، هل تعلمين أنّ حديقة منزل خليل السكاكيني، تمت زراعتها وإعادة تأهيلها بتمويل من مؤسسة مانحة أجنبيّة، حتّى الحدائق المنزلية بتنا نحتاج إلى التمويل حتّى نفلحها.

(2)

قد أتغاضى عن التعامل مع درويش كمشاع للجميع، لكنني لا أفهم استخدامه وأشعاره في كلّ الأغراض، وتحديداً الخسيسة بسفور واضح: «على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة». أرى هذه العبارة بمثابة لوغو/ شعار لرام الله ومشاريع «السّلطة»، كأنّ نظام الكون سيختلّ إن لم تحضر هذه العبارة في كلّ شيء هنا، بدءاً بخطابات الساسة وانتهاءً بالإعلانات التجاريّة لأيّ متجر تافه.

في كثير من الأحيان أرى العبارة أصلحَ ما تكون شعاراً لحملة للحدّ من حالات الانتحار.

(3)

...على سيرة الأحزاب الاشتراكيّة أو اليساريّة، هنالك الكثير منها على علاقات متينة مع السلطة، أمتن وأقوى من علاقتها باليسار الفلسطينيّ، أو ما يسمى اليسار الفلسطينيّ، وأظنّهم قارنوا برنامج اليسار هنا ببرنامج السلطة في الشقّ الاجتماعيّ مثلاً، ولم يجدوا فرقاً يذكر، وهؤلاء لا علاقة لهم بالسياسة.

آخ لو تدري روزا لوكسمبرغ بالذي يُقترَف باسمها في «الأراضي الفلسطينيّة».