بِعِيْدِ الحُبِ ...بَعِيْدٌ الحُبُ

أنهت عملها واتجهت مسرعة إلى محاضرتها المقررة في أحد المراكز الثقافية  في ريف دمشق،  ولكن الواقع كان أسرع وسبقها بإلقاء محاضرته عليها..

بالنسبة لها كان يوماً عادياً،  ولكنه لم يكن كذلك بالنسبة لكثيرين آخرين..

ركبت سيارة الأجرة – تاكسي-  لتقلها إلى الجهة التي كانت تريدها، في أحد المواقف، أشار شابٌ يحمل في يده وروداً حمراء إلى التاكسي ليقله، فعلق السائق  الكبير في السن قائلاً بحسرة :« آااخ على هالجيل صارو يهتمو بلفنتاين أكتر من رمضان..!!». انتبهت في تلك اللحظة إلى شيء فاتها، اليوم عيد الحب..!! فكرت في سرها وابتسمت، في زحمة انشغالها الدائم، مرت بتاريخ اليوم دون انتباه، ما يهمها كان ماستقدمه في محاضرتها، لم تنتبه لهذا التوافق بين موعدها الجاد وبين عيد يحتفل به آخرون ولكنه ليس لها على الأقل اليوم.

وانتقلت بتفكيرها إلى السائق لم هو غاضب على هذا الشاب وهذا الجيل أيضاً؟.

 بعد دقائق .. أوقف السائق سيارته، لن أستطيع أن أكمل الطريق بإمكانك ركوب الميكرو الواقف هناك ..

- ولكنني اتفقت معك..

لم يدعها تكمل وأجابها مفحماً .. سيدتي الطريق ليس آمناً فضلاً عن مصيبة الحاجز الذي أمامنا، أرجوك الميكرو واقف. لم تعتد المجادلة فوافقت سريعاً رغم علمها أنه كاذب..

 

على الحاجز.. بعد وقت قصير..

فتح العسكري باب الميكرو كالعادة، ولكن ما أدهش الركاب اليوم في سلوكه المعتاد، أن الشاب كان يضع وردة حمراء على جعبته وأخرى في فوهة البندقية..!! وكانت الابتسامة تملأ وجهه عندما خاطبهم:«صباح الخير.. هابي فلنتاين.. الهويات إذا بتريدو»

ابتسم الركاب وابتسمت هي، نسي الجميع أشياءهم والتفاصيل الصغيرة التي شغلتهم طوال الطريق وانتبهوا  فجأة وانشغلوا بهذا الشاب المبتسم وتعلقت عيونهم باللون الأحمرللوردتين الحمراوين في جعبته وفوهة بندقيته.. ربما لأنه ذكرهم بأحمر آخر.. يعرفونه جيداً.. يشاهدونه كل يوم واقعاً، أو على شاشات التلفزة، أحمر يخصهم،ويخصه أيضاً

 ...ولكنه ليس للحب.