ابن بطوطة المعاصر

يواصل الشاعر أمجد ناصر في كتابه الجديد المعنون «رحلة في بلاد ماركيز» الصادر حديثا عن سلسلة «كتاب مجلة دبي الثقافية» الغوص في كتابة أدب الرحلة والأسفار، أو ما درج هو على تسميته بـ«أدب الأمكنة»  الذي سبق وكتب فيه: «تحت أكثر من سماء»، «خبط الأجنحة»، «البحث عن أبي عبد الله الصغير».. والتي دأب على أن يكشف فيها بإحساس الشاعر الشفيف باللغة عن عوالم وثقافات إنسانية متباينة خلال إسهاماته الابداعية في العديد من النشاطات والملتقيات التي كان يحل فيها ضيفا بصحبة أقرانه من الشعراء والكتاب العرب والأجانب.

 في الإصدار الجديد «رحلة في بلاد ماركيز» الذي وزعت موضوعاته على قسمين هما: الأول «مالفي الايطالية.. المدينة المعلقة: الجبل ليس سهلاً»، والثاني «في بلاد ماركيز» يجول المؤلف ببيئات متعددة من بلدان أميركا اللاتينية.

ينهج الكتاب خطا أدب الرحلات المتعارف عليها بالموروث العربي القديم والآداب العالمية، إلا أن قلم أمجد ناصر وشاعريته الفطنة الممتلئة بالحنين وعشق السفر والتفاعل مع ثقافات الآخرين تمنح الكتاب أكثر من ميزة مثل براعة الوصف والإحاطة بتلك التفاصيل الصغيرة في الحياة اليومية للناس، وهذا كله مدعم بثقافة المؤلف التنويرية المتكئة على خلاصات بحث دؤوب في معارف وفنون وثقافات وحضارات وشخصيات وأحداث متعددة الأصول والأنساب والتواريخ.

ويتوقف المؤلف ملياً في حالات من التماثل بين الثقافتين العربية واللاتينية، ويقوم بعملية مقارنة بين العوالم والمعايير فيهما، حيث يصطحب القارىء في رحلة الى عالم إبداعات غابرييل غارسيا ماركيز الرحب، التي أطلقت شهرته في أرجاء المعمورة، وهو القادم من بلدة بسيطة مكللة بالغبار يسوطها الحر اللافح والرطوبة.

ويرى ناصر في نتاج هذا المبدع العالمي الحائز على جائزة نوبل للآداب غنائية ريفية لم تبددها الأيام ولا المدن التي تنقّل بينها وظل يحتفظ بالفضول والانبهار حيال المدينة.

 كتاب «رحلة في بلاد ماركيز» إضافة نوعية لاشتغالات الشاعر ناصر، حيث يتعدى فيه الكتابة الوصفية التقليدية الى رحلة تشتبك مع أنماط من الحقول الابداعية في فنون العمارة والشعر والقصة والرواية لتتعداها إلى ظواهر وعلامات العيش الإنساني.