الإعلام الفارغ.. ولعبة الغميضة!
تمارس وسائل الإعلام، في كثير من الأحيان، ألاعيباً وتستخدم وسائلاً تقوم من خلالها بقلب الحقائق والأحداث أو اجتزائها من سياقها أو تشويهها أو حرفها عن مسارها، بما يسمح لها التلاعب بالوعي، والتأثير عليه وفق الأهداف والسياسات التي أنشئت من أجلها، أو وفق من يهيمن عليها!
وغالباً ما تجري هذه الممارسة بأساليب متعددة، وفجة أحياناً، بعيدة عن المصداقية المهنية، وتستخدم طرقاً لا يدركها المتلقي العادي، إذ يجري حجب الرؤية عنده أو تشويشها، فيكوّن أحكامه الخاصة والتي غالباً ما تكون خاطئة أو مجزوءة أو ناقصة في أحسن الأحوال.
يعتقد كثيرون أن هذه الأمور طبيعية، وتحدث..، ولكن البحث الدقيق عن الأهداف الفعلية وراءها، يؤكد أن استثمارها وتوظيفها دافعه إشغال الناس عن القضية الأساس.. أو تعليق آمالهم على حادثة ووهم، كما أوراق اليانصيب والمقامرة..
انشغل الناس بقضايا تفصيلية حدثت هنا وهناك، تداولها الإعلام، وانشغلت الصفحات أياماً وهي تروي قصة «المارد» الذي خرج من مصباحه السحري، ليحقق رغبات بعض المحظوظين! كالمدرب الرياضي السوري وابنه، والذي أثيرت ضجةً إعلامية كبيرة حول تعاقده مع نادي إسباني! والصبي السوداني الذي اشتبهت به الشرطة الأمريكية، ثم تبين انه مخترع!
«السوري الذي فشكلته الصحفية الهنغارية، والصبي السوداني مخترع الساعة، الذي اشتبهوا فيه أنه إرهابي.. ولم نعرف ما هو الاختراع الذي عمله، ولكن مجرد توقيفه جعله نجماً عالمياً هؤلاء يمكن أن نعتبرهم محظوظين.. الشكر للفيسبوك وللصحفية المجرية والشرطة الأمريكية وللإعلام الفارغ..»
هكذا كتب أحدهم على صفحته، مبيناً رأيه بالإعلام المهيمن الذي يمارس لعبة الغميضة .
كل يوم يتعرض فيه المهاجرون إلى شتى أنواع المعاناة والمعاملة السيئة والنصب والاحتيال، كل يوم تنطفئ حياة بعض السوريين في طريق اللجوء، كل يوم ينطفئ الليل على قصة أخرى من قصص الحرب المخيفة، ولكن المارد نائم!